فن وترفيه

حكم العرب واكثرها انتشارًا

حكم من خلال هذا المقال نأخذكم في رحلة ممتعة مع ما تعنيه الحكمة، نطوف معكم في أقاصي تاريخ العرب مستعرضين حكم كثيرة ذاعت واشتهرت وأصبحت لها ثقلها حين تقال .


حكم هي لفظة تطلق على كل العبارات والكلمات الموجزة الشائعة بين الناس المعبرة عن حدث ما، تناقلتها الأجيال جيلًا بعد جيل، وفي الأعم الأغلب قيلت على لسان أحد الأدباء أو العلماء أو ذوي التجربة والحنكة والدهاء، قيلت لتقع من الأسماع والقلوب موضعا قريبا فتم لها مرادها وأثرت وأينعت تواجدا وظهورا مع كل حدث تستطيع أن تلامس تفاصيله وتعبر عنه، سارت بين مضائق التاريخ وبين أزقة الأمكنة مستقرة في الوعي الجمعي لكل البشر كعبارة تطرق الأسماع وتتكرر كلما واتتها فرصة الظهور. 


تتنوع أشكال تلك الـ حكم من حكم منتظمة في هيئات شعرية لا تتعدى الحكمة منها البيت أو نصف البيت قيلت في الأغلب في إطار موضوع ما أو شعور ما وقامت من الاختصار محلا مناسبًا بحيث حين تقال تعبر عن كامل مضمون ما أتت في سياقه، كمثل الباب من المفتاح، شيء صغير جدا موجز الحجم قليل السعة لكنه في النهاية تتفتح به مغاليق كثيرة ويسود من وراءه معرفة أصيلة، كذلك الـ حكم تقال لتتكاثف منها العبر ويستلهم منها الرأي الصائب أو بالأحرى الأقرب للصواب فيما تمر به من حدث، كما أن هناك حكم تكون على هيئة مختصرة مقتطعة من قصيدة أو ما شابه، هناك كذلك حكم نثرية تأتي ككلمات مرققة الهيئة جميلة المبنى عميقة المعنى، قالها أحد الحكماء لتسير بين الناس منتشرة مترددة على كل لسان، كذلك يغلب على كثير من الـ حكم الإتيان في شكل سجع رقيق يسهل حفظه.

الأسباب التي تؤدي بالـ حكم إلى الانتشار كثيرة يمكننا إجمال بعضها في نقاط رئيسة، أول نقطة يمكن أن تلوح لنا كسبب في سيران تلك الحكم وإحرازها كل هذا الانتشار والتأثير، هي أنها صالحة الإسقاط على كثير من المواقف التي تواجهنا في الحياة، فمبناها كما معناها عام جدا بحيث يقع بسهولة ضمن موقف ما نمر به دون أن يشذ ودون أن نستشعر منه عدم لياقة أو انسجام، النقطة الثانية ربما تتمثل في أمر آخر بسيط جدا وهو سهولة حفظ تلك العبارات كونها جاءت منتظمة في شكل أدبي موسيقي يشد القارئ ويجعله لها حافظا بكل يسر، فهي تعلق به دونما أي إرادة منه، النقطة الثالثة تتمثل في كون هذه الـ حكم صدرت عن حصافة ذهن وعقل نير وشخصية ربما لها وجاهتها وتاريخها المتناقل، ومن هنا يكون الحرص على تناقلها من جيل إلى جيل.

كثيرا ما يتبادر إلى أذهان البعض سؤال مفاده: هل هناك فرق بين المثل والحكمة؟ نعم هناك فرق رئيس يمكن إجماله فيما يلي: المثل هو عبارة موجزة شائعة بين العامة في الأغلب، وهي صدرت أو يرجع أصلها لشخص ما أي شخص، سواء كان من العامة أم الحصفاء، بينما الحكمة منزعها فصيح راق صدرت عن أحد الحكماء أو العلماء أو ربيب من أرباب الثقافة، لذا فإننا نلاحظ في الأغلب أن ال حكم يكثر تواجدها وتجاولها في الكتب وعلى ألسنة المثقفين وذوي الشأن، بينما الأمثال تتدوال أكثر ما تتدوال على ألسنة العامة والبسطاء، إذ كل شيء ينتمي إلى ما فيه منه شبه.


كل أمة من أمم الأرض لها تراثها الذي يعبّر عن الكثير من الأحداث والمناسبات التي ضج بها التاريخ وتوقف لديها، ومن أنواع التراث الأصيل الذي يبقى في الذاكرة دوماً الأمثال الشعبية والحكم، حيث يقوم الناس كما أسلفنا باستخدام هذه الأمثال أو الـ حكم إذا مرّوا بظرف أو حدث في حياتهم اليومية مشابه لما جاءت في إطاره تلك الحكمة أو ذاك المثل، فيعبرون عنه بأمثال أو حكم، وهكذا تبقى محفوظة أبد الدهر يتداولها الناس جيلاً بعد جيل مع إضافة لمسات الناس وأذواقهم ولهجاتهم كذلك إليها.


حكم من حياة العرب

وفيما يلي نمر معكم إلى أجود الـ حكم التي تداولها العرب على مسيرة تاريخهم وأيامهم

إن البعوضة تُدْمي مُقْلةَ الأسد.

لا تستهن بقليل الأشياء ولا تستغرب ذلك الأثر السيء الذي يمكن أن يلحقه بك شخص ذو منزلة وضيعة، فالبعوضة مثلاً تدمي مقلة الأسد، وكيف هي البعوضة من الأسد.


إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً (قرآن كريم الشرح 6)

آية مقتطعة من القرآن الكريم، سارت بين الناس حكمة تسلي عنهم وقت ضيقهم ومحنهم، تبشر أولئك الصابرين، وتخبرهم أن العسر لا يتلوه يسر واحد بل يسران.


إن غدًا لناظره قريب

حكمة تسري في إطارات التوعد والتحذير، وتذكر الناسيين أن الغد قريب وقادم لا محالة.


أنا الغريق فما خوفي من البلل

حكمة نثرية بليغة يخبر بها الإنسان ذاته عن أن السوء الذي يربض فيه لن يدنيه أكثر مما هو عليه مجازفة ما تعرضه لسوء آخر، ذلك أن السوء واحد، كالغريق لن يخشى على ذاته بللاً فقد تجاوز هذه المرحلة من السوء بما يكفي ألا يخشى وألا يخاف.


خذوا الحكمة من أفواه البسطاء

هكذا تخبر هذه الحكمة، أن ليس شرطاً أبداً حتى تكون الحكمة نافعة أن نأخذها عن لسان فصيح أو من قلم عالم، بل ربما الفصحاحة والحكمة تتبديان أفل ما يكون من لسان رجل بسيط صدق الله فصدقه.


الجار قبل الدار

حكمة بليغة شائعة، شديدة الصدق كونها تخبرنا أن اختيار بيوتنا لا يكفي فيه سعة أو حيز جميل، وإنما لابد من معاينة من سنجوار من الناس، فهم أصل السعادة والهدوء أو أصل الشقاء والمشاكل الكثيرة، لذا قدم الحكيم اختيار الجار عن الدار.


الصديق وقت الضيق.  

أوقات الرخاء لا تبين الناس ولا تكشف عن معادنهم، المعدن هناك مخبئ بعيداً لا يتجلى لمكنونه ولا يظهر إلا حين تصيبه الحرارة ويصيبه الضيق، حينها يتبدى الصديق لصديق حق، أم صديق مميز.

هكذا كان مقالنا عن الحكمة والحكماء نتمنى أن تكونوا قد استفدتم بما قدمناه من معلومات و حكم.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.