لم يفاجأ الجميع بتراجع إدارة ترامب عن فكرة (ليس حلا، أين الحل) "الدولتين" في المجال الإسرائيلي – الفلسطيني مثلما وجد تعبيره في المؤتمر الصحفي في البيت الابيض أول من أمس.

قبل نحو اسبوعين كتبت هنا: "ليس صدفة ان تغيب عن التصريحات القليلة لترامب في موضوع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني تعبير "حل الدولتين". يبدو ظاهرا أن ترامب لا يؤمن باحتمال مثل هذا الحل ويميل لتسوية من نوع آخر، تقوم على أساس فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني. عندما كتبت هذه الامور، قبل أن تتسرب الى الاعلام الانعطافة في الموقف وقبل أن تلقى التأكيد من الرئيس نفسه.

ولكن هل هذه انعطافة حقا؟ حين ستنشر ذات يوم مذكرات الرئيس السابق براك اوباما – مذكرات سابقة، لا تخضع لقواعد السلامة السياسية هذه أو تلك – سيتبين أن هو ايضا تراجع بالتدريج عن اقامة دولة فلسطينية مستقلة على 97 في المائة من المناطق التي احتلها اسرائيل في 1967. على الاقل ليس في الـ 25 سنة القريبة القادمة.

اوباما ايضا، في ولايته الثانية كرئيس، وبالتأكيد مع اقتراب السطر الاخير له في البيت الابيض، بحث عن فكرة بديلة لصيغة "دولتين للشعبين". كمثالي، كان لا يزال اوباما يؤمن بان هذه هي التسوية المثالية. كمثالي فهم بان الشعبين لا يرغبان حقا بهذا الحل، وعليه، فهو ليس واقعيا. في حديث من القلب الى القلب مع محفل أجنبي تأوه اوباما حين قال (تقريبا، فهذا ليس النص الدقيق): "حسب تقديراتي، يريد الفلسطينيون انهاء سريعا للاحتلال الاسرائيلي، ولكنهم لا يريدون دولة عالم رابع فاسدة، طاغية ومتزمتة دينيا تقوم في مكانه. وهم يفضلون حكما ذاتيا أو دولة مرعية على دولة سيادية تبدو مثل غزة أو سورية".

نضيف الى هذا التوسع المكثف للمستوطنات الإسرائيلية، فاذا بنا نحصل على واقع جديد تكون فيه فكرة "الدولتين" قد ماتت أو على الاقل غير قابلة للتحقق. ولان فكرة الدولة ثنائية القومية الواحدة هي الاخرى غير قابلة للتحقق، يتبقى البحث عن صيغ أخرى، تسويات اخرى.

هذه خلاصة الرسالة التي نشأت عن المؤتمر الصحفي لترامب ونتنياهو. يمكن أن نستبعدها بصفتها غير جدية بسبب الاقوال المشوشة والمبلبلة التي سكبها ترامب، ويمكن التمسك بشظايا الاقوال كي ندعي بانه "في واقع الامر" يواصل سياسة سلفه، مثلا في مسألة المستوطنات. أما هو فلا. فقد جاء ليحدث ثورة جديدة في أمريكا، بما في ذلك في سياستها الخارجية أساسا. واذا لم ينحَ أو يستقيل، فسيحاول ترامب كرئيس بكل قوته ان يجسدها بالنسبة للشرق الاوسط ايضا. المؤتمر الصحفي أول من أمس كان المقدمة فقط.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.