أرشيف

"دعي طفلك يخطئ" .. مبدأ أساسي للتعلم عند الطفل

المراحل التي تسبق التحاق الطفل بالمدرسة هي المراحل التي يكون فيها عقله أكثر نشاطا، فما الذي يعيق عملية التعلم عند الطفل؟

"دعي طفلك يخطئ" .. مبدأ أساسي للتعلم عند الطفل

المراحل التي تسبق التحاق الطفل بالمدرسة هي المراحل التي يكون فيها عقله أكثر نشاطا، فما الذي يعيق عملية التعلم عند الطفل؟

خطأ ما أشيع حول أن الطفل يبدأ تعليمه مع أولى خطواته نحو الدراسة، فالطفل في سنواته الأولى يمتلك وسائل غريزية ليتعلم ويكتشف العالم من حوله فللتعلم عند الطفل وسائل طُبع عليها، ولكن تقتلها طرق التربية التقليدية.
كل من المدرسة والبيت يلخصان التعلم عند الطفل في مجموعة من الأوامر والنواهي، تعيق استعداد الطفل الفطري للتعلم، فالطفل يتعلم من خلال بيئة صديقه تثير فضوله نحو الاستكشاف والتجريب، وتمتلئ بالأنشطة التي تطور من مهاراته وقدراته البدنية والذهنية، إن وجود الطفل في بيئة معادية يتلقى فيها التهديد والوعيد إذا لمس شيئا أو فعل خطأ، يؤثر بالسلب على رغبته في اكتشاف هذه البيئة والتعلم منها.

الإنسان مهما كان كبيرا أو صغيرا يتعلم من خلال التجربة والخطأ، لا التلقين وحفظ المعلومات والأوامر والنواهي، فالتعلم عند الطفل عملية عقلية وليست طاعة، ولذا على الوالدين أن يهيئا للطفل بيئة مناسبة تسمح له بالتجريب دون إيذاء نفسه، فعلى سبيل المثال عندما يتعلم الطفل الإمساك بالكوب اعتمادا على نفسه، يسلك أساليب خاطئة في البداية فيسكبه مرة أو يرميه بعيدا مرة أو يمسكه بطريقة خاطئة، وهي خطوات قد تبدو غير ذات أهمية بالنسبة للكبار، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للطفل، فهو في كل مرة يحاول التحكم بعضلات يديه واكتشاف الطريقة الصحيحة، لذا فإن الصراخ في وجه الطفل عندما يسكب الكوب، ليس حلا للمشكلة، وإنما الصبر والتشجيع حتى يكتشف بنفسه الطريقة السليمة وتعتاد عضلات يديه الصغيرة عليها.

إن عملية التعلم عند الطفل ترتبط وثيقا بالمحبة والاهتمام واحترام رغبة الطفل وعقليته، ولذا فالنقد والتجريح يمثلان عائقا يقف بين الطفل وبين التعلم، الذي يجب أن يرتبط بالتشجيع وبالنتائج السارة حتى يدفعه لمزيد من التعلم، لا النفور منه.
والآباء قد لا يدركون أن الطفل غير مستعد لتعلم مهارة معينة في وقت معين أو سن معين، فيجب التدرج في تعليم الطفل، فكل مرحلة من مراحل نمو الطفل تشكل استعدادا مختلفا لتعلم شيئ بعينه، وهنا يأتي دور الآباء في مراقبة أطفالهم والأشياء التي تجذب انتباههم، ثم العمل على هذه الجزئية التي أثارت شغف الطفل لتعلمها أو ممارستها، ففي حين ينمو استعداد طفل لاكتساب مهارة بدنية يبدأ شغف آخر بالموسيقى مثلا أو القراءة.

إن الثقة والصبر عامل مهم لتمنية الرغبة في التعلم عند الطفل، فنحن في الغالب نرى الطفل كشيطان صغير يجب ترويضه بالعديد من التعليمات حتى لا يؤذي نفسه ولا يؤذي الآخرين، ولكن كل ما يحتاجه منا الطفل هو مراعاة خصوصية سنه ومهاراته، التي تحتاج إلى مزيد من الإعادة والتكرار كي يتعلم شيئا ما؛ فالتعلم عملية معقدة ترتبط بحفر طريقها في دماغ الطفل، فتكرار شيئ بعينه يحفز خلايا الطفل العصبية للنمو كي يتقن مهارة بعينها، وهو أمر يحتاج للصبر والوقت معا، فعلى سبيل المثال يحاول الطفل ربط حذائه في سن الثالثة، الذي يبدو بالنسبة له أمرا صعبا للغاية، ولكن ما إن يصل إلى سن الخامسة حتى يبدو الأمر شيئا بسيطا جدا.
إن حرمان الطفل من تجريب شيء ما أو عدم إعطائه الوقت الكافي للمحاولة، سيؤدي إلى افتقاد الطفل لهذه المهارة تماما وصعوبة تعلمها فيما بعد.

 

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.