رفع سنّ التّقاعد إلى جيل 64 هو بمثابة حُكم على النّساء غير العاملات بعامَين إضافيّين من العيش على حافة الكفاف

رفع س التقاعد للنساء ستكون خطوة تؤثّر على كلّ واحدة منّا. نحو نصفنا سوف يضطررن إلى العمل لعدد سنين أكبر، وكما تبدو الأمور في الوضع الرّاهن، يبدو أنّ نصفنا سوف يَغُصن أعمق في ضائقات اقتصاديّة صعبة لن تُتيح لهنّ العيش بكرامة.

بدأت جلسات لجنة المالية في الكنيست قبل عدة ايام بخصوص رفع سنّ التّقاعد للنّساء. قبل أن تبتّ اللّجنة في هذه القضيّة، علينا أن نتذكّر معطًى مُهمّا: اليوم، نصف النّساء غير الأكاديميّات اللّاتي يبلغن من العمر 61 عامًا (أي عام واحد أقلّ من سنّ التّقاعد الحاليّ)، لا يعملن، وذلك بحسب بحث أجراه "مركز أدفا". هذه هي الحال المُتضعضعة للنّساء المُتقدّمات في السّنّ في سوق العمل الإسرائيليّة. في الواقع، ابتداءً من سنّ الـ 45، تستصعب نساء كثيرات إيجاد أماكن عمل والحفاظ على مناصبهنّ.

ونظرًا لكون سنّ التّقاعد للنّساء هو السّنّ الذي تبدأ عنده الدّولة بدفع مُخصّصات الشّيخوخة لكلّ من ليس لديها مدخول كافٍ، فإنّ رفع سنّ التّقاعد إلى جيل 64 هو بمثابة حُكم على النّساء غير العاملات بعامَين إضافيّين من العيش على حافة الكفاف. يجدر ذكر أنّ مخصّصات الشّيخوخة متدنيّة أصلًا، وتتراوح بين 1,531 شيكل و 2,300 شيكل شهريًّا فقط. إلّا أنّ رفع سنّ التّقاعد يحرم النّساء المُتقدّمات في السّنّ اللّاتي لا ينجحن في إيجاد عمل حتّى من هذه المساعدة.

لذلك، اتّخذت منظّمات النّساء وجمعيّة حقوق المواطن موقفًا مفاده أنّه يجب الفصل بين رفع سنّ التّقاعد وإمكانيّة الحصول على مخصّصات الشّيخوخة، أو على الأقل إناطتها برفع نسبة تشغيل النّساء المُتقدّمات في السّنّ بشكل ملحوظ. معنى ذلك أنّه في الإمكان رفع سنّ التّقاعد، لكن إذا لم يكن لدى المرأة عمل في سنّ الـ 62، يجب البدء بدفع مخصّصات الشّيخوخة لها أو تقديم تعوضيات أخرى لها.

في الآن ذاته، يجدر اتّخاذ خطوة بالغة الأهميّة لفتح مجال العمل أمام عدد أكبر من النّساء المُتقدّمات في السّنّ. يجدر تحفيز أرباب العمل، على سبيل المثال بواسطة مُشاركة الدّولة في دفع أجور هؤلاء النّساء، وذلك بما يشبه المُساعدات التي تُقدّمها لمجموعات أخرى، تعاني من نسب توظيف مُتدنّية. كذلك يجب المُبادرة إلى إطلاق دورات مهنيّة وبرامج تأهيل مُخصّصة للنّساء المُتقدّمات في السّنّ، وذلك كي يتقدّمن نحو وظائف تلائم احتياجات السّوق. بعد تلبية هذه الشّروط، وبعد أن يكون في الإمكان قياس نتائج ملموسة ومُرضية بشأن ارتفاع في نسبة النّساء المُتقدّمات في السّنّ المُشاركات في سوق العمل، عندها يُمكن رفع سنّ التّقاعد.

تقترح وزارة المالية بعض "أقراص الدّواء" التي من المُفترض أن تخفّف من وطأة الضّرر، مثل إطالة فترة استحقاق مخصّصات البطالة أو زيادة الضّريبة السّلبية لمن يبلغن من العمر 62 أو 63 عامًا، لكنّ هذه الأقراص لا تعمل إلّا لفترات محدودة، وهي لن تساهم في تعزيز تشغيل النّساء المُتقدّمات في السّنّ.

يعرض وزير الماليّة مُقترحًا لاستثمار نحو 30 مليون شيكل سنويًّا، لمدّة عشر سنوات، في مجال التّأهيل وإيجاد العمل، لكنّ هذا المبلغ غير مرضٍ بتاتًا. لفهم سبب ذلك، علينا إمعان النّظر في مُعطيات وزارة الاقتصاد: في العام 2014، كانت ميزانيّة التّأهيلات المهنيّة التي تقدّمها الوزارة بقيمة 45 مليون شيكل، وكانت كافية لتأهيل 5,700 شخص فقط. بما معناه أنّ 30 مليون شيكل قد تكفي لتأهيل 4,000 امرأة في السّنة في أحسن الحالات، في حين أنّه في كلّ شهر تصل إلى مكاتب العمل أكثر من 10,000 امرأة تبلغ من العمر 45 عامًا فما فوق، لطلب مساعدات في الدّخول إلى سوق العمل. ما الذي يضمره المستقبل لهنّ؟

وزير الماليّة لا يربط بين رفع سنّ التّقاعد ورفع نسبة النّساء العاملات، وهنا تكمن المشكلة الأساسيّة. إدّعاؤه هو أنّ هذه الخطوة سوف تكون جيّدة للنّساء العاملات، لأنّ مخصّصات التّقاعد التّابعة لهنّ سوف ترتفع بشكل ملحوظ، وهذا صحيح. لكنّ المشكلة - التي يقرّ بوجودها الوزير ذاته - هي أنّ النّساء غير العاملات سوف يتضرّرن، رغم التّعويضات المُقترحة. بما معناه أنّ رفع سنّ التّقاعد للنّساء سوف يُحسّن حالة النّساء القويّات نسبيًّا، على حساب المُستعضفات منهنّ. هل هذا ما نريده حقًّا؟

على أعضاء الكنيست مُلقى حقّ وواجب إيجاد مُخطّط آخر. هل سيتمكّنوا من ضمان حقّ النّساء المُتقدّمات في السّنّ في إسرائيل في العيش الكريم؟!

نائبة المديرة العامة ومديرة الوحدة الجماهيرية، جمعية حقوق المواطن

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.