"يبدو وكأن رئيس الوزراء يفهم أن بضع خطوات غير صحيحة واذا بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يجتاز ثورة فكرية: سيتوقفون عن الحديث عنه بتعابير الاحتلال وسيبدؤون بالحديث عنه بتعابير الابرتهايد".

"لا يوجد شيء يسمى توقيت صحيح"، قال رئيس بلدية معاليه ادوميم بني كشريئيل، حين حاول اقناع الوزراء في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع البحث يوم الاحد في مشروع القانون لضم معاليه ادوميم. فالتركيز على مسألة التوقيت يدل على أنه لا يوجد خلاف فكري بين المستوطنين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ففي المرات السابقة التي عرقل فيها مشروع القانون شرح للوزراء فقال: "أنا اؤيد الضم، ولكن طلب منا الا نفاجئ الادارة الأميركية".

غير أن نتنياهو لا يؤيد الضم مثلما كان يريد اليمين المتطرف له أن يؤيد. فبينما يريد اليمين المتطرف ان يضم معاليه ادوميم انطلاقا من رؤيا الدولة الواحدة، يريد نتنياهو أن يضم "انطلاقا من رؤيا الدولة والنصف" (دولة واحدة للشعب اليهودي، ونصف دولة، او "دولة ناقص"، لما يعتبره هو، في افضل الاحوال، نصف شعب). يحتاج نتنياهو إلى الوقت كي يحاول خلق السياق او المظهر السطحي للسياق الذي يكون واضحا فيه للأميركيين أن الضم لا ينطوي على تخل عن رؤيا الانفصال. هكذا يمكنه أن يضم الان وينفصل بعد ذلك.

في اليمين المتطرف يحاولون ان يبثوا احساسا بالنصر: ها هو نتنياهو يضم مثلما نطالب، ها هو انتهى عصر الدولة الفلسطينية. ولكن هذا مجرد استعراض. ففي اوساط رجاله يسود توتر شديد في مسألة اذا كان ضم معاليه ادوميم هو مرحلة في خطة ضم زاحف (معاليه ادوميم أولا) أم خطة "انفصال" زاحف (يضم فيها حسب خريطة التقسيم المتخيلة

لـ "الدولة والنصف"). فمعاليه ادوميم تندرج ضمن الكتل الاستيطانية التي يطالب نتنياهو بضمها في اطار الاتفاق مع الفلسطينيين.

وعليه، فيجدر الانتباه إلى مصير المنطقة E1. فقد ضمت هذه المنطقة إلى الاراضي البلدية لمعاليه ادوميم، ولكنها تجتذب اليها انتباها دوليا عظيما، لان البناء فيها سيقطع شمال الضفة الغربية عن جنوبها وسيجعل من الصعب اقامة دولة فلسطينية متواصلة. المبادر إلى مشروع الضم النائب يوآف كيش سبق أن قال انه مستعد لان يخرج منطقة E1 من المناطق التي ستضم، من أجل التقدم في عملية إقراره. ويمكن أن يفهم من ذلك أنه لا يجب أن نرى في الضم تنازلا عن رؤيا الدولتين.

بخلاف القوميين المتطرفين اليهود، يبدو أن نتنياهو يفهم أن مسار الضم كفيل بأن يجر إسرائيل ليس فقط إلى واقع جديد بل إلى فهم جديد للواقع: إلى تعظيم الصراع في سبيل حقوق المواطن. يبدو وكأن رئيس الوزراء يفهم أن بضع خطوات غير صحيحة واذا بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يجتاز ثورة فكرية: سيتوقفون عن الحديث عنه بتعابير الاحتلال وسيبدؤون بالحديث عنه بتعابير الابرتهايد.

والاسوأ من ذلك: سيبدؤون بالحديث عن النزاع بتعابير المحميات. وبينما لدى الأوروبيين صورة واضحة عما هو الاحتلال، فان للأميركيين صورة واضحة عما هي المحميات. دونالد ترامب هو أميركي، وهو يفهم المحميات، وهذا ينتمي للماضي الأميركي الظلامي. اذا فكر ترامب في النزاع بتعابير المحميات، فمن شأنه أن يطالب إسرائيل بالعمل فورا من اجل المساواة المدنية.

كشريئيل مخطئ. لا يوجد عنصر أهم من التوقيت التاريخي. وتغيير الفكر هو تغيير لا مرد له. اذا بدأ العالم يفكر في إسرائيل بتعابير المحميات ويؤيد الكفاح في سبيل المساواة المدنية، بمعنى oneperson,one vote صوت واحد للشخص واحد سواء كان هذا يهوديا من بيتح تكفا أم فلسطينيا من رام الله، فطريق العودة إلى الفكرة القديمة والطيبة سينتهي. وبشكل مفعم بالمفارقة، فان من يؤمن بان دولة ديمقراطية واحدة يعيش فيها بمساواة يهود وفلسطينيون على كل الارض الاقليمية بين البحر والنهر هي الحل العادل، كفيل بأن يرى النور في نهاية النفق المظلم الذي تسير فيه إسرائيل باعتداد المراهقين من البيت اليهودي المقتنعين بأن هذا لن يحصل لهم. من هو غير قادر على أن يلاحظ النور الديمقراطي، من الافضل له الا يسير خطوة اخرى إلى داخله.


هذا المقال نشر في صحيفة هارتس في تاريخ  3/3/2017 باللغة العبرية وترجم الى العربية.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.