قدم مركز عدالة، مؤخرًا التماسًا عاجلًا للمحكمة العليا باسم مؤسسة الضمير والمحامية عبير بكر والأسير فخري منصور، طالب فيه بإلغاء إجراءات الطوارئ التي صادقت عليها الحكومة، والتي تمنع الأسرى والمعتقلين الأمنيين الفلسطينيين من زيارة عائلاتهم لهم في السجن أو لقاء محاميهم وتلقي استشارة قانونية من أي نوع، تحت ذريعة مكافحة انتشار فيروس كورونا في السجون الإسرائيلية.
وبحسب الإجراءات التي صادقت عليها الحكومة يوم 15 آذار/ مارس، يمكن لوزير الأمن الداخلي، بتوصية من مسؤول السجون والمفتش العام للشرطة اتخاذ قرار بمنع زيارة الأسرى والمعتقلين وحرمانهم من أي استشارة قانونية بأي شكل باستثناء الهاتف. وأصدر الوزير هذا القرار وبدأ تطبيقه بعد يومين. وبالإضافة إلى انتهاك حقوق جميع الأسرى والمعتقلين، تمنع هذه الإجراءات تقديم شكاوى في حال تم انتهاك حقوق أخرى، وتمس بالأسرى والمعتقلين القاصرين في السجون الإسرائيلية، إذ تمنع عنهم الزيارة مع أن هذا الحق مكفول لهم بالقانون ومذكور بشكل واضح ويعد بموجب القانون الإسرائيلي كحق دستوري.
وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية آية حاج عودة من مركز عدالة أنه لا خلاف على مسؤولية مصلحة السجون بكل ما يتعلق بالحفاظ على صحة الأسرى والمعتقلين، لكن هذه الإجراءات تنتهك حقوقهم بشكل كامل. فإلى جانب انتهاك الحق في الحصول على استشارة قانونية، حق العرض أمام المحكمة، حق التواصل مع العائلة والحق في المساواة والاحترام، تنتهك هذه الإجراءات حق السرية بين المحامي وموكله.
وأورد الالتماس مثالًا على ذلك أنه جرت محادثة هاتفية بين المحامية عبير بكر وأسير في سجن "عوفر"، على مسمع من السجانين وبعض الأسرى الآخرين.
وأكد الملتمسون على أن انتهاك هذا الحق لا يساهم في مكافحة انتشار فيروس كورونا، خاصة أنه لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة للحماية والوقاية مع الحفاظ على حقوق الأسرى والمعتقلين الأمنيين، على العكس، تم انتهاك هذه الحقوق من خلال التفرقة بين الأسرى والمعتقلين الآخرين.
وجاء في الالتماس أن المصادقة على هذه الإجراءات تفتقر إلى كل صلاحية دستورية، ولذلك يجب أن تلغى على الفور، لأنه بحسب قانون أساس الحكومة: الكنيست هي الجهة الوحيدة المخولة بإعلان حالة الطوارئ ومنح صلاحيات خاصة للحكومة، من خلال تشريع قانون خاص في حال إمكانية التئامها. وأكد الالتماس أن هذه الإجراءات تعود بالضرر الأكبر على الأسرى والمعتقلين الذين لا يتحدثون اللغة العبرية، إذ يحتاجون الاستشارات القانونية من أجل تحصيل حقوقهم.
يضاف إلى ذلك أنه وفق بند 39 د لقانون الأساس "لا يمكن لحالة الطوارئ أن تمنع حق المثول أمام المحكمة، إصدار حكم ولا يمكن أن تتيح المس بحقوق الإنسان". وبناء على ذلك، لا صلاحية دستورية للحكومة للمصادقة على هذه الإجراءات. ويتوافق هذا الادعاء مع الموقف القانوني للمستشار القضائي للحكومة الذي قدم للمحكمة العليا الذي جاء ضمن رد الدولة على التماس مركز عدالة باسم القائمة المشتركة، الأسبوع الماضي، ضد استخدام إجراءات الطوارئ للسماح بتعقب ومراقبة المواطنين من خلال هواتفهم وحواسيبهم ووسائل تكنولوجية أخرى.
وقالت المحامية آية حاج عودة، من مركز عدالة، إنه "لا شك أن مكافحة انتشار فيروس كورونا أمر غير عادي وبحاجة لإجراءات غير عادية، لكن لا يمكن أن نسمح بانتهاك حقوق الإنسان تحت هذه الذريعة، وكما تستطيع الدولة ابتكار حلول ليوم الانتخابات وللعمل في الأماكن المختلفة باعتبارها حيوية ووضع معايير معينة للسجناء الجنائيين، عليها الاعتراف بحقوق الأسرى والمعتقلين الأمنيين وعلى رأسها لقاء محاميهم ومقابلة أسرهم. سنواصل العمل ضد إجراءات الطوارئ التي أقرت بغير صلاحية دستورية تحت ذريعة انتشار فيروس كورونا في كل المجالات، لأنه لا أساس دستوري تستند إليه الحكومة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات".
وبالإضافة إلى هذا الالتماس، توجه مركز عدالة، على ضوء العديد من التقارير التي تلقاها، بداية الأسبوع الحالي، برسالة أرسلتها المحامية ميسانة موراني إلى مصلحة السجون الإسرائيلية، تطلب فيها التأكد من اتخاذ كل تدابير الوقاية والحماية الصحية من أجل الحفاظ على صحة الأسرى في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.