لم تأت التطورات والأزمات الأخيرة التي تشهدها المنطقة من فراغ، خاصة في السودان ولبنان ومصر، إذ أصبح واضحًا أن هناك مخططًا لجرّ عواصم عربية وإسلامية إلى الفتنة والاقتتال الداخلي منذ بداية العام الجاري. تحدّث عن هذا المخطط مسؤولون أمنيون إسرائيليون في السابق والحاضر، إذ لم يخفوا دعمهم لجهات بإمكانها إشعال الفتن في المنطقة، مستخدمين كافة الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافهم، لإلهاء الشعوب ببعضها تمهيدًا لتمزيقها والسيطرة عليها، كي تأخذ إسرائيل راحتها في نهب واغتصاب الأراضي الفلسطينية وتهويد معالمها ومقدّساتها، وظلم أهلها وتدمير بيوتهم وتهجيرهم وقتلهم. هذا بالنسبة لجزء من المخطط، أما التوقيت فله أسبابه؛ إذ إن أصحاب قرار تقسيم السودان والمحكمة الدولية في لبنان والأيادي الخفية خلف عملية تفجير كنيسة القدّيسَين في الإسكندرية بذلوا مجهودًا لتعميم "الفوضى الخلاّقة" منذ بداية العام، فتوقيت تفجير كنيسة القدّيسَين الساعة الثانية عشرة ليلاً في آخر يوم من سنة 2010 وبداية السنة الجديدة لم يكن مجرّد صدفة، واختيار توقيت إصدار قرار المحكمة الدولية المسيّسة حول اغتيال الحريري نهاية عام 2010 وبداية 2011 كان مقصودًا، بالرغم من أنهم ينتظرون الوقت الأنسب للتشهير بالقرار الظني ليؤتي ثماره المرجوّة أمريكيًا وإسرائيليًا. كذلك الأمر مع اختيار تاريخ استفتاء انفصال جنوب السودان بداية العام الجاري. كما لم يكن توقيت العدوان على غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 مجرّد صدفة، فقد يريد هؤلاء أن يبعثوا رسالة للعرب والمسلمين - المقاومين للعدوان خاصة - مفادها أنه بإمكانهم تخريب بداية عامهم وآخره، لتحطيم معنوياتهم وكسر إرادتهم، وإشعارهم بأن "البعبع" الإسرائيلي بالمرصاد دومًا. بعد هذه التخطيطات الظاهرة، ومن حيث لم يحتسبوا، هبّت ثورة شعبية عارمة من مكان غير متوقّع، من تونس في المغرب العربي، ثورة أشعلها الشاب محمد بوعزيزي الذي لم يحصل على عمل بشهادته الجامعية فلجأ إلى بيع الخضار والفاكهة، وقامت السلطات بمنعه حتى من لقمة عيشه إذ صادرت عربته التي كان يستخدمها للبيع وقامت شرطية بصفعه، حتى وصل به الحد إلى درجة إشعال النار بنفسه أمام مقرّ ولاية بلدته سيدي بوزيد، بعدما أغلقت الأبواب في وجهه ولم يستمع أحد لشكواه. هبّت تونس بشعبها دون أي تخطيط مسبق، فظلم نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بلغ ذروته، ولم يعد الشعب يتحمّل تكميم الأفواه والنهب الممنهج والبطالة والقمع، ولم تتوقّف ثورته حتى بعد رحيل الطاغية، ولم يقبل بفناء الدكتاتور وبقاء الدكتاتورية فبقي ثائرًا حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي شارك بها أعضاء حزب بن علي، وكان الشرط أن تتم استقالتهم من الحزب للمشاركة في السلطة. هذه الثورة بدّدت أوهام من ظنّوا أن الشعوب العربية ميتة ولا يهمّها إلا لقمة العيش، وشكّلت صفعة قوية في وجه من بثّوا مخدّرات الركود والاستسلام في أمّتنا من حكّام فاسدين ومحكومين ضالّين. إن نفاق ودجل الاستعمار الغربي المتمثّل بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ظهر على حقيقته بعد الثورة التونسية المجيدة، فكلاهما أولياء المخلوع بن علي ونظامه الفاسد، وتبرّؤ كلاهما منه ورفضهما استقباله ودعمهما المزعوم للشعب وخياراته ليس إلاّ خداعًا سافلاً لحلفائهما ومحاولة بائسة لكسب ودّ الشعب وسرق ثمار الثورة، إنما الشعب التونسي الذي لم يوقّف ثورته حتى الآن أوضح أنه أذكى من أن يقع في الفخ، فثورته أصيلة وليست معلّبة ومصدّرة من الغرب أو الشمال. مع ازدياد وتيرة الغضب وروح الثورة لدى شعوب المنطقة إثر الظلم والفساد، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بالضغط على وكلائهم في العالم العربي والإسلامي لإحداث تغييرات وإصلاحات ولو شكلية مزيّفة قبل أن تأتي ساعتهم، التي أصبحت وشيكة أكثر من أي زمن مضى. لكنها ربما تأخرت، لأن الظاهر أن هذه الشعوب لم تعد تشتري السلع الفاسدة التي لم يعد ثياب الإصلاح يستر عورتها، فقد أحرقته الثورة التونسية.

لم تأت التطورات والأزمات الأخيرة التي تشهدها المنطقة من فراغ، خاصة في السودان ولبنان ومصر، إذ أصبح واضحًا أن هناك مخططًا لجرّ عواصم عربية وإسلامية إلى الفتنة والاقتتال الداخلي منذ بداية العام الجاري.
 
تحدّث عن هذا المخطط مسؤولون أمنيون إسرائيليون في السابق والحاضر، إذ لم يخفوا دعمهم لجهات بإمكانها إشعال الفتن في المنطقة، مستخدمين كافة الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافهم، لإلهاء الشعوب ببعضها تمهيدًا لتمزيقها والسيطرة عليها، كي تأخذ إسرائيل راحتها في نهب واغتصاب الأراضي الفلسطينية وتهويد معالمها ومقدّساتها، وظلم أهلها وتدمير بيوتهم وتهجيرهم وقتلهم.



 
هذا بالنسبة لجزء من المخطط، أما التوقيت فله أسبابه؛ إذ إن أصحاب قرار تقسيم السودان والمحكمة الدولية في لبنان والأيادي الخفية خلف عملية تفجير كنيسة القدّيسَين في الإسكندرية بذلوا مجهودًا لتعميم "الفوضى الخلاّقة" منذ بداية العام، فتوقيت تفجير كنيسة القدّيسَين الساعة الثانية عشرة ليلاً في آخر يوم من سنة 2010 وبداية السنة الجديدة لم يكن مجرّد صدفة، واختيار توقيت إصدار قرار المحكمة الدولية المسيّسة حول اغتيال الحريري نهاية عام 2010 وبداية 2011 كان مقصودًا، بالرغم من أنهم ينتظرون الوقت الأنسب للتشهير بالقرار الظني ليؤتي ثماره المرجوّة أمريكيًا وإسرائيليًا. كذلك الأمر مع اختيار تاريخ استفتاء انفصال جنوب السودان بداية العام الجاري.
 
كما لم يكن توقيت العدوان على غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 مجرّد صدفة، فقد يريد هؤلاء أن يبعثوا رسالة للعرب والمسلمين - المقاومين للعدوان خاصة - مفادها أنه بإمكانهم تخريب بداية عامهم وآخره، لتحطيم معنوياتهم وكسر إرادتهم، وإشعارهم بأن "البعبع" الإسرائيلي بالمرصاد دومًا.
 
بعد هذه التخطيطات الظاهرة، ومن حيث لم يحتسبوا، هبّت ثورة شعبية عارمة من مكان غير متوقّع، من تونس في المغرب العربي، ثورة أشعلها الشاب محمد بوعزيزي الذي لم يحصل على عمل بشهادته الجامعية فلجأ إلى بيع الخضار والفاكهة، وقامت السلطات بمنعه حتى من لقمة عيشه إذ صادرت عربته التي كان يستخدمها للبيع وقامت شرطية بصفعه، حتى وصل به الحد إلى درجة إشعال النار بنفسه أمام مقرّ ولاية بلدته سيدي بوزيد، بعدما أغلقت الأبواب في وجهه ولم يستمع أحد لشكواه.
 
هبّت تونس بشعبها دون أي تخطيط مسبق، فظلم نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بلغ ذروته، ولم يعد الشعب يتحمّل تكميم الأفواه والنهب الممنهج والبطالة والقمع، ولم تتوقّف ثورته حتى بعد رحيل الطاغية، ولم يقبل بفناء الدكتاتور وبقاء الدكتاتورية فبقي ثائرًا حتى بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي شارك بها أعضاء حزب بن علي، وكان الشرط أن تتم استقالتهم من الحزب للمشاركة في السلطة.
 
هذه الثورة بدّدت أوهام من ظنّوا أن الشعوب العربية ميتة ولا يهمّها إلا لقمة العيش، وشكّلت صفعة قوية في وجه من بثّوا مخدّرات الركود والاستسلام في أمّتنا من حكّام فاسدين ومحكومين ضالّين.
 
إن نفاق ودجل الاستعمار الغربي المتمثّل بالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ظهر على حقيقته بعد الثورة التونسية المجيدة، فكلاهما أولياء المخلوع بن علي ونظامه الفاسد، وتبرّؤ كلاهما منه ورفضهما استقباله ودعمهما المزعوم للشعب وخياراته ليس إلاّ خداعًا سافلاً لحلفائهما ومحاولة بائسة لكسب ودّ الشعب وسرق ثمار الثورة، إنما الشعب التونسي الذي لم يوقّف ثورته حتى الآن أوضح أنه أذكى من أن يقع في الفخ، فثورته أصيلة وليست معلّبة ومصدّرة من الغرب أو الشمال.
 
مع ازدياد وتيرة الغضب وروح الثورة لدى شعوب المنطقة إثر الظلم والفساد، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بالضغط على وكلائهم في العالم العربي والإسلامي لإحداث تغييرات وإصلاحات ولو شكلية مزيّفة قبل أن تأتي ساعتهم، التي أصبحت وشيكة أكثر من أي زمن مضى.
 
لكنها ربما تأخرت، لأن الظاهر أن هذه الشعوب لم تعد تشتري السلع الفاسدة التي لم يعد ثياب الإصلاح يستر عورتها، فقد أحرقته الثورة التونسية.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.