في أغلبيةِ الحالاتِ لا علاقةَ بين مؤهلاتِ المرشحين لرئاسة السلطة المحلية وسيرتهم الذاتيةِ وتجربتهم الحياتيةِ ووطنيتهم وحبّهم لبلدِهم وبين امكانيات فوزهم في الانتخابات. باب الترشيح مغلق أما الناس الشرفاء والمهنيين والغيورين على البلد فعلاً ومفتوحٌ أمام تُجّارِ الاصواتِ والضمائر والانتهازيين الذين يستغلون الاوضاع الاقتصادية وحاجة الناس اليهم يبدو أن باب الترشيح للعضوية أو رئاسة السلطة المحلية مفتوح أمام كل شخص بالغ وراغب أن يتبوأ أحد هذه المناصب الجماهيرية الهامة, لكن الحقيقة المؤلمة أن هذا الباب يكاد أن يكون موصدا أمام اغلبية الناس الشرفاء والغيورين على مصلحة البلد وأمام اصحاب القدرات العالية والسيرة الحسنة لأن في مدخله يقف حارس قاسي المراس وغليظ العقل وعريض المنكبين لا يسمح لأحد بالدخول إلا إذا لمن يحمل بطاقة "عضو في الغرفة التجارية". الغرفة التجارية التي تُعنى بتجارة الضمائر والذمم والأصوات. "الغرفة التجارية" التي لا تَقبلَ أعضاءً جُدد إلا إذا كانوا يستوفون شروطاً معينة بعيدة كل البعد عن الاستقامة والنزاهة والمهنية والوطنية ومزايا فاضلة أخرى. قال لي مرة احد "الناشطين المحليين". لكي تكسب المعركة الانتخابية يجب أن تكون صاحب فضلٍ على الناس, وهنا وصل فضولي الى السماء وهِمتُ به أن يفسّر قصده فأجابني على الفور وكأن سؤالي كان متوقعا - عليك أن تشارك الناس أفراحها وأتراحها وأن "تنقّط" بيد سخيّة في الأفراح وان تدعو أهل الفقيد لتقبل التعازي في بيتك وأن تزور المرضى في المستشفيات وأن تهنئ الاصدقاء والمعارف بتخرّج اولادهم وبناتهم من الجامعات من على صفحات الجرائد, وأن تستضيف زفة العريس في باحة بيتك, وأن ترسل لهم التبريكات في كل الاعياد, ,وإذا ضاقت الدنيا في وجه أحدهم واحتاج مالاً عليك أن تعرض عليه المساعدة ولو توجّه اليك طالبا منك الهمس في اذن فلان لكي يوظّف ابنه او زوجته او أن تطلب من علان أن يقصّر الدور الى الطبيب فعليك أن تقسم أغلظ الايمان بأنك ستفعل ذلك على الفور وانك لن تنام الليل حتى تجد لهم الوظيفة الملائمة, وأن تفتح بيتك أمام الناس وأهل البلد وان تكرمهم وتغدق عليهم, وأن تلوّح بيديك من بعيد طارحا التحيّة عليهم راجلاً كنت أم راكباً أم مهرولاً. عندما التمس محدّثي الانزعاج الذي حلّ بي اكتفى بهذه الأمثلة رأفةً بي, وتباعا "للتعذيب الذاتي" الذي فرضته على نفسي تلك الساعة سألته حول وجود عوامل أخرى تضمن تأييد الناخبين والفوز بالانتخابات المحلية فابتسم قائلا "كل ما ذكرته سابقاً يضمن لك نصف مقعد..". قلت لنفسي يا للهول, وطلبت منه أن يوفيني "بالعوامل الأخرى" فأجاب "يجب أن تعرف كيف تلعبها.." وهنا بدت علامات الذهول على وجهي وسألته اذا كان الدخول الى معترك الانتخابات يُعدّ لعبة في عينيه فأجابني على الفور بالإيجاب دون تردد- "يجب ان تَعِد الناخبين بأنك لو نجحت في الوصول الى الكرسي أن تساعدهم في الحصول على تخفيض في الضريبة البلدية وأن تقوم بكل ما في وسعك لكي لا يمر الشارع بمحاذاة بيتهم ويأخذ من أرضهم, وأن تساعدهم في نقل ابنهم الى مدرسة أخرى في البلدة غير تلك التي يوجبها موقع سكناه, وأن تسعى لكي تتغاضى السلطة المحلية عن الإضافة السكنية التي تلزمه بدفع ضرائب أكثر.. وأن تصوّت لصالحه في المناقصة.." قلت لمحدّثي بأني أعمل صباح مساء, ووقتي محدود للغاية وعدد أصدقائي لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة وعلاقاتي الاجتماعية محدودة لا تتعدى بعض الزملاء والاقارب من الدرجة الاولى, والعائلة الكبرى عاتبة علي لابتعادي عنها, ولا وقت لي لمشاركة الناس أفراحها وأتراحها, لكني احب الناس واحب أهل بلدي وحارتي واريد أن أخدمهم وفي جعبتي الكثير من الأفكار والمشاريع التي اريد أن أقدمها لأهل بلدي, وقد اكتسبت ثقافة ومهنية وخبرة حياتية لا بأس بها ولي سيرة طيبة وأهلي طيبون ووطنيون. هل هذا كله لا يؤهلني أن أكون عضوا في السلطة المحلية؟!! فأجاب محدّثي بالنفي القاطع وتركني لأفكاري وهواجسي. هنالك عدة أسباب لعدم تقدّم مرشحين أكفّاء لرئاسة السلطة المحلية او لقوائم العضوية فأولا, المعايير التي يتبناها الناخبون تكاد تكون بعيدة كل البعد عن كفاءات المرشح او مهنيته او وطنيته او سيرته الذاتية. أغلبية الناخبين تصوّت للمرشّح الذي يعدها بمنافع اقتصادية أو لابن العائلة الذي يُتوخّى منه أن يزوّدها بمنافع اقتصادية. السب الثاني, أن أغلبية المرشحين الأكفّاء الذين امتطوا صهوة العائلية ونجحوا بالوصول الى الكرسي لم ينجحوا في مهمتهم وفي احداث تغيير جذري في اداء السلطة المحلية او في مستوى الخدمات البلدية لأسباب بنيوية لا تتعلق بكفاءاتهم وحبهم لبلدهم واخلاصهم لعملهم. ان الضغوطات التي يقع تحتها من فاز برئاسة السلطة المحلي او عضويتها تكسر الظهر وتجعلها وظيفة مقيتة وغير مرغوبة من قبل من هم فعلا أهُل لهذا المنصب. لهذا السبب تجد السلطات المحلية في مجتمعنا العربي في هذه البلاد مرتعا لمحترفي السياسة والمتحذلقين والانتهازيين الاشخاص الوسطيين ولا عجب أن تكون أوضاعنا على ما هي عليه اليوم. إن عزوفنا عن المبادئ والقيم والركض وراء المادة والمصلحة الشخصية لم يأتِ من فراغ وسببه هو الضائقة الاقتصادية التي يعيشها مجتمعنا. ثلثا اطفالنا يعيشان تحت خط الفقر ونصف عائلاتنا معدودة على العائلات الفقيرة فكيف لا يتسارع ناخبونا على المنافع الاقتصادية التي يعدهم بها تجار الاصوات وسماسرة الضمائر؟

 

في أغلبيةِ الحالاتِ لا علاقةَ بين مؤهلاتِ المرشحين لرئاسة السلطة المحلية وسيرتهم الذاتيةِ وتجربتهم الحياتيةِ ووطنيتهم وحبّهم لبلدِهم وبين امكانيات فوزهم في الانتخابات. باب الترشيح مغلق أما الناس الشرفاء والمهنيين والغيورين على البلد فعلاً ومفتوحٌ أمام تُجّارِ الاصواتِ والضمائر والانتهازيين الذين يستغلون الاوضاع الاقتصادية وحاجة الناس اليهم

 

يبدو أن باب الترشيح للعضوية أو رئاسة السلطة المحلية مفتوح أمام كل شخص بالغ وراغب أن يتبوأ أحد هذه المناصب الجماهيرية الهامة, لكن الحقيقة المؤلمة أن هذا الباب يكاد أن يكون موصدا أمام اغلبية الناس الشرفاء والغيورين على مصلحة البلد وأمام اصحاب القدرات العالية والسيرة الحسنة لأن في مدخله يقف حارس قاسي المراس وغليظ العقل وعريض المنكبين لا يسمح لأحد بالدخول إلا إذا لمن يحمل بطاقة "عضو في الغرفة التجارية". الغرفة التجارية التي تُعنى بتجارة الضمائر والذمم والأصوات. "الغرفة التجارية" التي لا تَقبلَ أعضاءً جُدد إلا إذا كانوا يستوفون شروطاً معينة بعيدة كل البعد عن الاستقامة والنزاهة والمهنية والوطنية ومزايا فاضلة أخرى.

 

قال لي مرة احد "الناشطين المحليين". لكي تكسب المعركة الانتخابية يجب أن تكون صاحب فضلٍ على الناس, وهنا وصل فضولي الى السماء وهِمتُ به أن يفسّر قصده فأجابني على الفور وكأن سؤالي كان متوقعا - عليك أن تشارك الناس أفراحها وأتراحها وأن "تنقّط" بيد سخيّة في الأفراح وان تدعو أهل الفقيد لتقبل التعازي في بيتك وأن تزور المرضى في المستشفيات وأن تهنئ الاصدقاء والمعارف بتخرّج اولادهم وبناتهم من الجامعات من على صفحات الجرائد,  وأن تستضيف زفة العريس في باحة بيتك, وأن ترسل لهم التبريكات في كل الاعياد, ,وإذا ضاقت الدنيا في وجه أحدهم واحتاج مالاً عليك أن تعرض عليه المساعدة ولو توجّه اليك طالبا منك الهمس في اذن فلان لكي يوظّف ابنه او زوجته او أن تطلب من علان أن يقصّر الدور الى الطبيب فعليك أن تقسم أغلظ الايمان بأنك ستفعل ذلك على الفور وانك لن تنام الليل حتى تجد لهم الوظيفة الملائمة, وأن تفتح بيتك أمام الناس وأهل البلد وان تكرمهم وتغدق عليهم, وأن تلوّح بيديك من بعيد طارحا التحيّة عليهم راجلاً كنت أم راكباً أم مهرولاً.

 

عندما التمس محدّثي الانزعاج الذي حلّ بي اكتفى بهذه الأمثلة رأفةً بي, وتباعا "للتعذيب الذاتي" الذي فرضته على نفسي تلك الساعة سألته حول وجود عوامل أخرى تضمن تأييد الناخبين والفوز بالانتخابات المحلية فابتسم قائلا "كل ما ذكرته سابقاً يضمن لك نصف مقعد..". قلت لنفسي يا للهول, وطلبت منه أن يوفيني "بالعوامل الأخرى" فأجاب "يجب أن تعرف كيف تلعبها.." وهنا بدت علامات الذهول على وجهي وسألته اذا كان الدخول الى معترك الانتخابات يُعدّ لعبة في عينيه فأجابني على الفور بالإيجاب دون تردد- "يجب ان تَعِد الناخبين بأنك لو نجحت في الوصول الى الكرسي أن تساعدهم في الحصول على تخفيض في الضريبة البلدية وأن تقوم بكل ما في وسعك لكي لا يمر الشارع بمحاذاة بيتهم ويأخذ من أرضهم, وأن تساعدهم في نقل ابنهم الى مدرسة أخرى في البلدة غير تلك التي يوجبها موقع سكناه, وأن تسعى لكي تتغاضى السلطة المحلية عن الإضافة السكنية التي تلزمه بدفع ضرائب أكثر.. وأن تصوّت لصالحه في المناقصة.."

 

قلت لمحدّثي بأني أعمل صباح مساء, ووقتي محدود للغاية وعدد أصدقائي لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة وعلاقاتي الاجتماعية محدودة لا تتعدى بعض الزملاء والاقارب من الدرجة الاولى, والعائلة الكبرى عاتبة علي لابتعادي عنها, ولا وقت لي لمشاركة الناس أفراحها وأتراحها, لكني احب الناس واحب أهل بلدي وحارتي واريد أن أخدمهم وفي جعبتي الكثير من الأفكار والمشاريع التي اريد أن أقدمها لأهل بلدي, وقد اكتسبت ثقافة ومهنية وخبرة حياتية  لا بأس بها ولي سيرة طيبة وأهلي طيبون ووطنيون. هل هذا كله لا يؤهلني أن أكون عضوا في السلطة المحلية؟!! فأجاب محدّثي بالنفي القاطع وتركني لأفكاري وهواجسي.

 

هنالك عدة أسباب لعدم تقدّم مرشحين أكفّاء لرئاسة السلطة المحلية او لقوائم العضوية فأولا, المعايير التي يتبناها الناخبون تكاد تكون بعيدة كل البعد عن كفاءات المرشح او مهنيته او وطنيته او سيرته الذاتية. أغلبية الناخبين تصوّت للمرشّح الذي يعدها بمنافع اقتصادية أو لابن العائلة الذي يُتوخّى منه أن يزوّدها بمنافع اقتصادية. السب الثاني, أن أغلبية المرشحين الأكفّاء الذين امتطوا صهوة العائلية ونجحوا بالوصول الى الكرسي لم ينجحوا في مهمتهم وفي احداث تغيير جذري في اداء السلطة المحلية او في مستوى الخدمات البلدية لأسباب بنيوية لا تتعلق بكفاءاتهم وحبهم لبلدهم واخلاصهم لعملهم. ان الضغوطات التي يقع تحتها من فاز برئاسة السلطة المحلي او عضويتها تكسر الظهر وتجعلها وظيفة مقيتة وغير مرغوبة من قبل من هم فعلا أهُل لهذا المنصب.

 

لهذا السبب تجد السلطات  المحلية في مجتمعنا العربي في هذه البلاد مرتعا لمحترفي السياسة والمتحذلقين والانتهازيين الاشخاص الوسطيين ولا عجب أن تكون أوضاعنا على ما هي عليه اليوم. إن عزوفنا عن المبادئ والقيم والركض وراء المادة والمصلحة الشخصية لم يأتِ من فراغ وسببه هو الضائقة الاقتصادية التي يعيشها مجتمعنا. ثلثا اطفالنا يعيشان تحت خط الفقر ونصف عائلاتنا معدودة على العائلات الفقيرة فكيف لا يتسارع ناخبونا على المنافع الاقتصادية التي يعدهم بها تجار الاصوات وسماسرة الضمائر؟ 

 

  

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.