ضوابط الدين الحق :

أديان العالم كثيرة، وأتباع كلّ دينٍ يزعمون أنّ دينهم هو الدين الحقّ، الذي يستحقّ الاتّباع، والحقيقة أنّه لا يمكن أن تكون كلّ الأديان صحيحةٌ، فالحقّ واحدٌ، لا يمكن أن يتعدّد، لذلك كان لا بدّ من وجود ضوابط يعتمد عليها الإنسان في الحكم على كل دينٍ بالصحة، والبطلان، فمتى اختلّت إحدى هذه الضوابط في دينٍ ما كان باطلاً.


من أولويات هذه الضوابط أن يكون الدين منزلاً من عند الله تعالى، بواسطة أحد ملائكته، على رسولٍ من رسله؛ ليبلّغه للناس، والسبب في ذلك أنّ الله تعالى هو من سيُحاسب الناس يوم القيامة، فأيّ إنسانٍ جاء بدينٍ، وادّعى أنّه من عنده لا من عند الله، كان دينه باطلاً، ومن الضوابط أيضاً أن يدعو الدين إلى توحيد الله سبحانه بالعبادة، ويمنع الشرك به؛ لأنّ هذا هو أساس دعوة جميع الأنبياء عليهم السلام، كذلك أن يكون متّفقاً مع ما جاء به الرسل سابقاً، من تحريم الفواحش، وقتل النفس بغير حقٍّ، وعقوق الوالدين، كما لا بدّ للدين الحق أن لا يكون متناقضاً، فتارةً يُحرّم أمراً، وتارةً يحلّه، وتارةً يأمر بأمرٍ، وتارةً ينهى عنه، ونحو ذلك ممّا يدلّ على بطلانه.


ومن ضوابط الحكم على الدين بالصحة أيضاً، أن يعمل على حفظ الكليّات الخمسة؛ وهي: العقل، والنفس، والنسل، والدين، والمال، ويكون ذلك من خلال أوامره ونواهيه، وأخلاقه، ومنها أيضاً؛ أن يحرص الدين على حفظ الناس من ظلمهم لأنفسهم، وظلمهم لبعضهم، فلا يسمح بالظلم، ولا يساعد عليه، سواءً أكان هذا الظلم بنهب الحقوق، أو بالاستبداد بالخيرات.


ومنها كذلك أن يتضمّن الدين هداية الإنسان إلى الله جلّ وعلا، ودلالته على ما يريده الله منه، فيحقّق له الاطمئنان، والسكينة، والأمن، ويُجيب على تساؤلاته المصيرية، والدين الحقّ يجب أن يدعو إلى مكارم الاخلاق، والصفات، فينهى عن الكذب، والفجور، والبغي، ويأمر بالعدل، والأمانة، والصدق، ونحوها، كما لا بدّ له من تحقيق سعادة الإنسان المؤمن به، وأن يكون متفقاً مع الفطرة السلمية، والعقل الصحيح، وآخراً أن يدلّ الإنسان على الحقّ، ويدعوه إليه، وأن ينفّره من الباطل، ويأمره بالانصراف عنه، ولا يكون ذلك بالتمييز بين أفراده من حيث الجنس واللون، ونحوه، أو من خلال أمرهم بما يشقّ عليهم، ويؤدي إلى هلاكهم.


الدين الإسلامي:

إنّ الإسلام في المعنى الشرعي له يعني الاستسلام، والانقياد لله تعالى في جميع أوامره الشرعية، وله بهذا المعنى قسمين: الإسلام الخاص، والإسلام العام.


الإسلام العام: هو الدين الذي جاء به الرسل والأنبياء جميعاً عليهم السلام، وقد دلّ على ذلك عددٌ من الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ).


وأمّا الإسلام الخاص: هو الدين الذي جاء به محمدٌ صلّى الله عليه وسلّم، ويشتمل على أركانه الخمسة؛ شهادة أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإخراج الزكاة، وصيام رمضان، والحجّ إلى بيت الله الحرام، والإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده، وأخبر أنّه لا يقبل من أحدهم ديناً غيره، حيث قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).


كما و جعل شريعته هي الشريعة الناسخة لكلّ ما قبها من الشرائع، وأمر بالاحتكام إليها، وردّ الخلاف والنزاع إلى نصوصها.


وتقوم عقيدة الدين الإسلامي على ستة أركانٍ رئيسيةٍ، هي: الإيمان بالله إيماناً جازماً، وما يجب له من ألوهيةٍ، وربوبيةٍ، وأسماءٍ، وصفاتٍ، مع الإيمان بالملائكة، والكتب التي أنزلها الله سبحانه، والرسل الذين أرسلهم، واليوم الآخر الذي وعد به، والقدر الذي كتبه خيراً، أو شراً.


وللدين الإسلامي خصائص:

1. أنّه دينٌ إلهيٌّ، أنزله الله -عزّ وجلّ- على نبيه محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وتكفّل له بحفظه، ونصرته.

2.مصدره هو القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة؛ لأنّهما وحيٌّ من الله سبحانه.

3. دينٌ شاملٌ، فقد شرع الله سبحانه فيه أحكام وتشريعات تشمل جميع تصرفات الناس، وعلاقاتهم، وجعله ديناً للثقلين؛ الإنس، والجن.

4. دين الفطرة، فلا يتعارض مع طبيعة الإنسان، ورغباته، بل يتوافق معها، وينظمها.

5.دين الوسطية؛ أي دين العدل، والتوازن، فلا يغلب فيه جانبٌ عن جانبٍ آخرٍ.

6.دين العلم، فالقرآن الكريم يحثّ على التعلّم، ويحترم العلماء.

7. دين الأخلاق، فكلّ أحكامه تلبّي مقاصد أخلاقيّةٍ حميدةٍ عند الإنسان.


مظاهر كمال الدين الإسلامي:

يعدّ الدين الإسلامي ديناً كاملاً، يغطي جميع جوانب حياة الإنسان، ويلبّي جميع احتياجاته، وفيما يأتي بيان جانبٍ من ذلك:


-ينظّم علاقة الإنسان مع ربه وخالقه سبحانه، من خلال عبادته، وتعظيمه، وشكره، والتوجّه إليه.

-يفتح للإنسان أبواب العقل، والمعرفة، وتعلّم أسماء الله سبحانه، وصفاته، والتعرّف على أمور الدنيا والآخرة، وعلى أحكام الشريعة الإسلامية.

- ينظّم علاقة الإنسان مع غيره من الناس على اختلاف أنواعهم، وأصنافهم، فينظّم علاقته بالمؤمن والكافر، والغني والفقير، والحاكم والمحكوم، والصغير والكبير، والعالم والجاهل، وغير ذلك.

- ينظّم معاملات الإنسان المالية، فيأمره بالكسب الحلال، وترك الحرام، ويأمره بترك الغش، والزور، ونحو ذلك.

-ينظّم حياة المرأة، والرجل، ويأمر بحُسن تربية الأبناء، ومعاشرة الأزواج، وصيانة الأسرة من كلّ سوءٍ.

- ينظّم حياة الإنسان في الآخرة، ويبيّن أنّها مبنيةٌ على طبيعة حياته في الدنيا.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.