ملفات خاصة

صحيفة أمريكية: النفوذ الأمريكي يتضاءل في العالم العربي

*المعونات لمصر ظلت تتلاشى بالنسبة لمعظم فترة حياة السيسي المهنية. ومقارنة بالتضخم، فان الـ1.6بليون دولار هذا العام لا تغطي الا ثُلث ما انفقته الولايات المتحدة كمعونات لمصر في العام 1986* السيسي :كرامتنا اولا، بامكان الأمريكيين قطع المعونة* أمريكا تحتاج مصر لمكافحة الارهاب في العالم العربي*

*المعونات لمصر ظلت تتلاشى بالنسبة لمعظم فترة حياة السيسي المهنية. ومقارنة بالتضخم، فان الـ1.6بليون دولار هذا العام لا تغطي الا ثُلث ما انفقته الولايات المتحدة كمعونات لمصر في العام 1986* السيسي :كرامتنا اولا، بامكان الأمريكيين قطع المعونة* أمريكا تحتاج مصر لمكافحة الارهاب في العالم العربي*

 

 

 نشرت صحيفة "لوس انجيليس تايمز" الاميركية امس الاثنين تحليلاً للكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط  دويل ماك مانس  يشرح فيه تضاؤل ما كانت  تتمتع به الولايات المتحدة من نفوذ في العالم، خصوصاً في مصر، كتب: من المحتمل الا يكون "الربيع العربي" قد نجح في نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط. لكنه حمل دليلا قويا على ظاهرة مختلفة تتعلق بمدى النفوذ الذي كانت الولايات المتحدة تتمتع به لدى الحكومات التي كنا ننظر اليها على انها من عملائنا.

 

وياخذ مصر نموذجا ، يكتب:  قبل 2011 حاولت ادارتا بوش واوباما استمالة الدكتاتور حسني مبارك نحو الديمقراطية، لكن مبارك غض النظر عن تلك النصيحة. وفي العام الماضي، تعاملت ادارة اوباما (بلطافة) مع محمد مرسي لتكون حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها اكثر شمولية، واهمل مرسي النصيحة. الان وقد سيطر الجيش المصري على زمام السلطة، تتوسل الولايات المتحدة في اتصالاتها مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي حتى لا يستخدم العنف في اجراءاته المتشددة. فهل سيقبل النصيحة؟ يبدو ان الامر غير وارد. فما الذي اصاب نفوذنا باعتبارنا دولة كبرى؟

 

اذا كان من المتوقع ان يكون للولايات المتحدة نفوذ على اي مؤسسة في العالم العربي، فانها ستكون حكومة مصر، التي تحصل على 1.6 بليون دولار سنويا من المعونات الاميركية.الا ان هناك عاملين تسببا في تضاؤل ما اكتسبته الولايات المتحدة ذات يوم من نفوذ بفضل توزيع المعونات الاجنبية: المال الاقل والمنافسة الأشد.

 

أولا، لم يعد مبلغ 1.6 بليون دولار يغطي ما كان يوفره من قبل. فالمعونات لمصر ظلت تتلاشى بالنسبة لمعظم فترة حياة السيسي المهنية. ومقارنة بالتضخم، فان الـ1.6بليون دولار هذا العام لا تغطي الا ثُلث ما انفقته الولايات المتحدة كمعونات لمصر في العام 1986.

 

الجزء العسكري من تلك المعونة السنوية، وهو 1.3 بليون دولار، يستخدم اجمالا في شراء طائرات ودبابات من انتاج المصانع الاميركية. اما الجزء غير العسكري، وهو 250 مليون دولار، فلا يزيد عن نقطة في وعاء الاقتصاد المصري الضخم. ويدرك السيسي وغيره من المصريين هذا حق الادراك – لكن يبدو الساسة الاميركيون كما لو انهم لم يلحظوا ذلك.

 

ثم هناك دول اخرى تقدمت لملء هذا الفراغ. فقد اعلنت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والكويت الشهر الماضي عن توفير 12 بليون دولار كمعونة اقتصادية لمصر لمساعدة النظام العسكري في اعادة الاستقرار الى الاقتصاد. ولدى هذه الملكيات الخليجية اجندات ايضا. فهم يخشون الاخوان المسلمين، ولا يتطلعون الى اعادة الديمقراطية، وسيسعدهم تماما اتخاذ السيسي اجراءات متشددة للغاية. واذا كانت المعونات الخارجية تحمل النفوذ معها، فان الـ12بليون دولار من المشيخات تتفوق بسهولة على الـ1.6 بليون دولار التي هي معونتنا.

 

اضافة الى ما تقدم، فان النفوذ الاجنبي في دول تجاهد في السير نحو الديمقراطية ذو حدين. اذ تمكنت ادارة اوباما من اقصاء الجانبين في المعركة السياسية في مصر – فالاخوان المسلمون يعتقدون ان الولايات المتحدة تآمرت ضدهم، والعسكر وانصارهم العلمانيون يقولون ان الولايات المتحدة تتخذ موقفا صعبا في وجه السيسي حاليا. وكل الاطراف، بمن فيها السيسي، تصف نفسها بانها وطنية. لكن التظاهر بالانحناء امام رغبات الولايات المتحدة لا يسهم في دعم المحافظة عموما على شعبيتها الشاهقة.

السيسي :كرامتنا اولا، بامكان الأمريكيين قطع المعونة 

وعلى كل الاحوال، فان تطلعات المصريين اعلى مما يمكن ان تكون فيه للمشورة الاميركية قيمة كبيرة. وقال ستيفن كوك، استاذ الشؤون المصرية في مجلس العلاقات الخارجية "نحن اليوم على الهامش. واذا كنت زعيما مصريا فان احد افضل استراتيجياتك السياسية في الوقت الحاضر القاء اللوم على واشنطن".

 

وهذا بالضبط ما يفعله السيسي. فقد قال لصحيفة "ذي واشنطن بوست" الاسبوع الماضي "اذا ادرت ظهرك للمصريين فانهم لن يغفروا لك ذلك. وتكرار الحديث عن المعونات والمساعدات الاميركية يجرح كرامتنا وكبرياءنا. (ولكن) اذا اراد الاميركيون قطع المعونة، فان بامكانهم ان يفعلوا ذلك".

 

أمريكا تحتاج مصر لمكافحة الارهاب في العالم العربي

وتعكس توجهات الجنرال المصري تناقضاً آخر: يمكن ان يكون استخدام المعونة الخارجية لتأكيد النفوذ امراً صعباً. وقد يكون التهديد بقطع المعونة العسكرية وسيلة مفيدة لجذب انتباه الزعماء المصريين، الا ان تخفيض مستوى التعاون العسكري قد يسيء الى مصالح الولايات المتحدة بذات القدر الذي يسيء فيه الى مصالح مصر، ليس في مجال حفظ السلام مع اسرائيل فحسب، وانما في مكافحة الاعمال الارهابية عبر العالم العربي ايضا. ولهذا السبب فان البيت الابيض في عهد اوباما سارع الى تجنب وصف تسلم السيسي السلطة بانه انقلاب وتجنب تجميد المعونة الاميركية. وبدلا من ذلك فقد ترك الامر بين يدي وزير الخارجية جون كيري لتصنيف الاجراء العسكري بهذه الطريقة: "انه في واقع الامر يعيد الديمقراطية الى مسارها".

 

وبالنسبة الى المصريين فان الرسالة كانت مألوفة، وان لم تكن جلية الوضوح: فعلى مدى عقدين، ظل الساسة الاميركيون يهددون بسحب المعونة اذا لم يطرأ تغيير، لكن لم تكن لديهم الجرأة للضغط على الزناد. ولا يحتمل ان يطرأ تغيير يذكر هذه المرة.

 

تنطبق هذه الحدود بدرجات متفاوتة على السياسة الاميركية في اجزاء اخرى من العالم العربي. ففي العام 2012 اقترح اوباما توفير تمويل جديد واسع لدعم الديمقراطيات العربية الوليدة، غير ان معظم تلك الاموال لم تصرف لهذا الغرض. وتقول تمارا كوفمان ويتس من مؤسسة مركز سابان في مؤسسة بروكينغز، وهي مسؤولة عن برامج المعونات الديمقراطية في وزارة الخارجية "نتجاوب مع احداث التداعيات التاريخية بما يعادل التغيير الذي يمكننا ان نجده في وسائد الكنبة".

 

وهذا لا يعني ان الولايات المتحدة ليس لها نفوذ على الاحداث في العالم العربي. لكنه يعني ان لها نفوذا اقل مما نتصور. وقد لا يكون مصدر نفوذنا حجم الصكوك التي نوقعها.

 

وقال ويتس "لدينا نفوذ، انما ليس في الاماكن التي نظن انه فيها. ما يطالبون به هو اعتراف دولي. يريدون التواصل مع بقية اجزاء العالم. ويريدون مباركتنا لهم. وقد يكون ذلك هو اكثر نفوذنا تأثيرا".

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.