غاليتي ليت كان بمقدوري أن أقصَّ عن حالكِ بلغة الماضي، ماضيكِ المشرق المشرّف بصمتٍ مطلق، أعزف لحنًا جديدًا، أرقص موسيقى شرقية، أكتب مشهدًا يسدل السّتارة على السّيناريو الرّوتينيّ الممل.أكتب ما يجول في خاطري دون أن أدوّن خجلاً، أسفًا، تذمّرًا؛ لتبقى صفحتكِ بيضاء نقيّة. نعم أعرف ما تشعرين وتمرّين به من حزن عميق، كآبة خرساء، خيبة أمل، وأعلم أنّ جرحكِ بالغ وما زال ينزف وأنّ أحوالكِ تغيّرت إلى درجة فاقت كلّ المعايير والمفاهيم وازدادت سوءًا. إنّ هدوءكِ الرّهيب هذا يخيفني، توتّركِ يزعجني، ووضعكِ يقلقني. مع كلّ هذا لا وألف لا، لن أكتب خطاب رثاء ولا هجران، لكنّي أؤكّد أنّني نعم، اشتقت إلى ماضيكِ العريق بما فيه من حنين إلى العادات والتّقاليد الأصيلة والسّهر على السّطوح، إلى فنجان قهوة سادة تفوح رائحتها بأجوائك حول كانون الحطب المستدير ونور السّراج الضّئيل، بينما النّجوم والقمر تكتم أسرارًا وتشاركنا أجواءنا السّاكنة. نستمع بلهفة لحكايات وأحاديث الكبار وذكرياتهم المشوّقة، نتنشّق رائحة خبز الطّابون، نتجوّل في السّوق القديم والحسبة اللّذين درسا وزالت معالمهما! كيف؟! هل أحدٌ يدري؟ نتمتّع بموسمي الحصاد والزّيتون اللّذين كانا حينها أشبه بالتّظاهرة الاجتماعيّة يشارك فيها كلّ فئات المجتمع شيبًا وشبّانًا، نتذوّق عسل كروم العنب في صفا عادي وأشجار التّين البلديّ بنكهةٍ لا توصف. نفتقد القلوب الواسعة والعقول المنفتحة الّتي قادت هذا البلد إلى برّ الأمن والأمان بهامات مرفوعة وثقة كبيرة، بحكمة وعطاء منقطعي النّظير. لقد كبرت البلدة على لغة المحبّة الّتي سادتها آنذاك، على التّسامح والاحترام المتبادل إذ استطاع رجالاتها (أينهم اليوم؟!) توحيد وجمع الكلمة، واتّخاذ القرارات الحكيمة على مستوى المدينة والوسط العربيّ عامةّ، وقد وضعوا نصب عيونهم رفعة وخدمة المصلحة العامّة، على نقيض ما نشهده اليوم من تزييف للحقائق، وتضليل للمواطن بعبارات إنشائيّة منمّقة رنّانة. أبكي لوعة وحسرة على القلعة العريقة، رمز شفاعمرو، وإحدى أجمل وأضخم القلاع في المنطقة وقد أضحت شاهدا على التّنكّر والإهمال، لا يفتخرون إلا بمظهرها الخارجيّ، يهتمّون بإنارتها من الخارج بطريقة رجعيّة لا تتلاءم وقيمتها الأثريّة، بينما يعزّز داخلها المثل الشّعبيّ: " من برّا هالله هالله ومن جوّا يعلم الله". نعم، لقد أصبحت مأوًى للجرذان، للثّعابين، والكلاب المتشرّدة؛ وأعشاشًا للطّيور. مدينتي الغالية! رغم كلّ هذا، لم ولن أتخلّى عن إخلاصي وحبّي لكِ، وستظلّ زرقة سمائكِ الصّافية، ورِقّة هوائكِ، نسيمكِ العليل، جمال تلالكِ وروابيكِ، تغريد الدّوري، ثغاء العنزة البيضاء، مواء القطّة السّوداء، نباح الكلب، صياح الدّيك في البيادر، خرير السّاقية في الوادي، رائحة الزّعتر، أزهار وأعشاب البرّية، وضحكة الأطفال البريئة؛ ستظلّ أشبه بلوحة فنيّة قيّمة ممزوجة بتراثنا، وستبقى راسخة محفورة في ذاكرة كلّ محبيها. يؤسفني أن أعود وأكرّر أنّ وضعنا المأساويّ تجاوز كلّ الخطوط وفاق كلّ التوقّعات والحدود! فكفى تهرّبًا من المسؤوليّة، ولتتوقّّف الادّعاءات الكاذبة المشيدة بالحضارة الرّاقية، المباهية بالدّوارات المتداعية! هيا بنا معًا نواجه الحقّ بكلّ صراحة وجرأة؛ لِنُرجعَ شفاعمرو قولاً وفعلاً، إلى سابق عهدها ومكانتها المرموقة. لا شكّ أنّ بذوركِ المتأصّلة في نفوس أبنائكِ ستنبت ثمارًا طيّبة؛ لأنّها رويت من ينابيع صافية بحنان ورعاية، عندها سيبزغ علينا فجر جديد، وستزول سحابة الصّيف العابرة، لتبقى رايتكِ خفّاقة شامخة كما عهدناكِ، صامدة أمام غدر هذا الزّمان، ونهج بعض رجاله المزيفين الذين عقّوا فضلك، فيمّموا شطر المظاهر، وسلكوا في طريق اللا صدق وسياسة المحسوبيّات. هؤلاء هم الّذين تزيّنهم الوظائف، مصيرهم محتوم ...

غاليتي ليت كان بمقدوري أن أقصَّ عن حالكِ بلغة الماضي، ماضيكِ المشرق المشرّف بصمتٍ مطلق، أعزف لحنًا جديدًا، أرقص موسيقى شرقية، أكتب مشهدًا يسدل السّتارة على السّيناريو الرّوتينيّ الممل.أكتب ما يجول في خاطري دون أن أدوّن خجلاً، أسفًا، تذمّرًا؛ لتبقى صفحتكِ بيضاء نقيّة.

نعم أعرف ما تشعرين وتمرّين به من حزن عميق، كآبة خرساء، خيبة أمل، وأعلم أنّ جرحكِ بالغ وما زال ينزف وأنّ أحوالكِ تغيّرت إلى درجة فاقت كلّ المعايير والمفاهيم وازدادت سوءًا.

إنّ هدوءكِ الرّهيب هذا يخيفني، توتّركِ يزعجني، ووضعكِ يقلقني. مع كلّ هذا لا وألف لا، لن أكتب خطاب رثاء ولا هجران، لكنّي أؤكّد أنّني نعم، اشتقت إلى ماضيكِ العريق بما فيه من حنين إلى العادات والتّقاليد الأصيلة والسّهر على السّطوح، إلى فنجان قهوة سادة تفوح رائحتها بأجوائك حول كانون الحطب المستدير ونور السّراج الضّئيل، بينما النّجوم والقمر تكتم أسرارًا وتشاركنا أجواءنا السّاكنة.

نستمع بلهفة لحكايات وأحاديث الكبار وذكرياتهم المشوّقة، نتنشّق رائحة خبز الطّابون، نتجوّل في السّوق القديم والحسبة اللّذين درسا وزالت معالمهما! كيف؟! هل أحدٌ يدري؟ نتمتّع بموسمي الحصاد والزّيتون اللّذين كانا حينها أشبه بالتّظاهرة الاجتماعيّة يشارك فيها كلّ فئات المجتمع شيبًا وشبّانًا، نتذوّق عسل كروم العنب في صفا عادي وأشجار التّين البلديّ بنكهةٍ لا توصف.

نفتقد القلوب الواسعة والعقول المنفتحة الّتي قادت هذا البلد إلى برّ الأمن والأمان بهامات مرفوعة وثقة كبيرة، بحكمة وعطاء منقطعي النّظير. لقد كبرت البلدة على لغة المحبّة الّتي سادتها آنذاك، على التّسامح والاحترام المتبادل إذ استطاع رجالاتها (أينهم اليوم؟!) توحيد وجمع الكلمة، واتّخاذ القرارات الحكيمة على مستوى المدينة والوسط العربيّ عامةّ، وقد وضعوا نصب عيونهم رفعة وخدمة المصلحة العامّة، على نقيض ما نشهده اليوم من تزييف للحقائق، وتضليل للمواطن بعبارات إنشائيّة منمّقة رنّانة.

أبكي لوعة وحسرة على القلعة العريقة، رمز شفاعمرو، وإحدى أجمل وأضخم القلاع في المنطقة وقد أضحت شاهدا على التّنكّر والإهمال، لا يفتخرون إلا بمظهرها الخارجيّ، يهتمّون بإنارتها من الخارج بطريقة رجعيّة لا تتلاءم وقيمتها الأثريّة، بينما يعزّز داخلها المثل الشّعبيّ:

" من برّا هالله هالله ومن جوّا يعلم الله". نعم، لقد أصبحت مأوًى للجرذان، للثّعابين، والكلاب المتشرّدة؛ وأعشاشًا للطّيور.

مدينتي الغالية! رغم كلّ هذا، لم ولن أتخلّى عن إخلاصي وحبّي لكِ، وستظلّ زرقة سمائكِ الصّافية، ورِقّة هوائكِ، نسيمكِ العليل، جمال تلالكِ وروابيكِ، تغريد الدّوري، ثغاء العنزة البيضاء، مواء القطّة السّوداء، نباح الكلب، صياح الدّيك في البيادر، خرير السّاقية في الوادي، رائحة الزّعتر، أزهار وأعشاب البرّية، وضحكة الأطفال البريئة؛ ستظلّ أشبه بلوحة فنيّة قيّمة ممزوجة بتراثنا، وستبقى راسخة محفورة في ذاكرة كلّ محبيها.

يؤسفني أن أعود وأكرّر أنّ وضعنا المأساويّ تجاوز كلّ الخطوط وفاق كلّ التوقّعات والحدود! فكفى تهرّبًا من المسؤوليّة، ولتتوقّّف الادّعاءات الكاذبة  المشيدة بالحضارة الرّاقية، المباهية بالدّوارات المتداعية!

هيا بنا معًا نواجه الحقّ بكلّ صراحة وجرأة؛ لِنُرجعَ شفاعمرو قولاً وفعلاً، إلى سابق عهدها ومكانتها المرموقة.

لا شكّ أنّ بذوركِ المتأصّلة في نفوس أبنائكِ ستنبت ثمارًا طيّبة؛ لأنّها رويت من ينابيع صافية بحنان ورعاية، عندها سيبزغ علينا فجر جديد، وستزول سحابة الصّيف العابرة، لتبقى رايتكِ خفّاقة شامخة كما عهدناكِ، صامدة أمام غدر هذا الزّمان، ونهج بعض رجاله المزيفين الذين عقّوا فضلك، فيمّموا شطر المظاهر، وسلكوا في طريق اللا صدق وسياسة المحسوبيّات.

هؤلاء هم الّذين تزيّنهم الوظائف، مصيرهم محتوم ...

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.