محليات

مرهقون؟ ربما بسبب المياه التي تشربونها

ترجم المقال وتمت ملائمته للغة العربية على يد ريم بركة وجمعية مواطنين من اجل البيئة، عن نص باللغة العبرية ليوناتن شير من زافيت - وكالة الأنباء للعلوم و البيئة.

ريم بركة

مع ارتفاع درجات الحرارة في البلاد وفي العالم وازدياد وطأة العبء الحراري، التوصيات على شرب المياه أصبحت من الضروريّات، لكن ما العمل اذا كانت المياه التي نشربها قد تضّرنا؟ كشفت دراسة جديدة أن عملية تحلية المياه تضعف مستويات أحد الأملاح الضرورية لأجسامنا ألا وهو المغنيسيوم، الأمر الذي من شأنه أن يضرنا.

يمر العالم بتغييرات مناخية سريعة وفي الوقت الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل متطرف في البلاد والعالم، نبحث كلنا عن طرق لتخفيف الحر والتبريد.

التوصيات الطبية تشدد على أن نشرب المياه بشكل أكبر بحلول فصل الصيف هذا. ولكن في المقابل، تشير النماذج والدراسات العلمية الحديثة، إلى انخفاض كمية الأمطار في البلاد نتيجة أزمة المناخ.

إذا كان الأمر كذلك فمن أين نأتي بالمياه؟

كما نعلم الحل الاسرائيلي لنقص المياه هو التحلية، وهي عملية تحلية المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب. تنتج خمس منشآت تحلية منتشرة على طول البحر الأبيض المتوسط، أكثر من 600 مليون متر مكعب من المياه المحلاة. والتي تشكل حوالي 75 في المئة من استهلاك مياه الشرب في البلاد. علاوة على ذلك، هنالك احتمال زيادة منشأتين اضافيتين مما يزيد من كمية المياه المحلاة. تشير دراسة جامعية أٌصدرت في الجامعة العبرية في القدس، والتي قُدّمت في المؤتمر السنوي الخمسين للعلوم والبيئة، إلى أن الاعتماد على المياه المحلاة قد يضر بصحة المستهلكين بشكل ملحوظ.

مياه مفلترة بل وأكثر من الضروريّ

عملية التحلية تزيل الأملاح من المياه التي نشربها، مما يجعلها صالحة للشرب؛ ومع ذلك، فإننا نفقد أحد الأملاح الضرورية للنشاط الطبيعي لجسم الإنسان: ألا وهو المغنيسيوم، الذي يشارك بشكل رئيسي في عملية بناء العظام ونشاط العضلات. يسبّب نقص المغنيسيوم الحاد أعراض التعب، وقلة الشهية، والغثيان والقيء، وفي الحالات الشديدة يؤدي نقصه إلى تقلصات العضلات، ويؤدي إلى اضطرابات في المزاج والتركيز ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري وربما حتى سرطان القولون.

في العقد الأخير، حذّرت وزارة الصحة من خطر الوفاة المتزايد لمئات من الأشخاص سنويا، بسبب استخدام المياه المحلاة الخالية من المغنيسيوم. أثار ذلك جدلا واسعا في الأوساط المعنية وبقي السؤال إلى أي مدى يؤثر الاعتماد على المياه المحلاة فعليا على السكان الذين يشربونها، مفتوحًا حتى الآن.

درس باحثون هذا الأمر الشائك وأصدروا دراسة اختبرت وقارنت للمرة الأولى مستويات المغنيسيوم في دم سكان 12 مدينة في البلاد، ووجدت أوجه نقص واضحة بين مستهلكي المياه المحلاة. إضافة إلى ذلك، وجدوا أن التأثير أكثر على السكان من وضع اجتماعي اقتصادي منخفض، وعلى كبار السن بالتحديد.

12 مدينة في البلاد - 16 ألف اختبار

تضمنت الدراسة 12 مدينة: 10 مدن تستهلك الكثير من المياه المحلاة، مثل ريشون لتسيون، وحولون، ورمات جان، وتل أبيب - يافا، ومدينتان تستهلكان المياه من مصادر أخرى، حيث يكون مستوى المغنيسيوم فيها أعلى، مثل طبريا وبالقرب من طبريا وكفار سابا، التي تستخدم المياه الجوفية.

ومع ذلك ، فإن التقسيم ليس مطلقًا: في الأنابيب المنزلية ، تمتزج المياه المحلاة وغير المحلاة معًا وتتدفق سويةً. لهذا السبب، اختبر الباحثون في المختبر كمية المغنيسيوم في المياه المأخوذة من الحنفيات المنزلية، وفحصوا أيضًا بيانات الاستهلاك والإنتاج لأنواع مختلفة من المياه في كل مدينة.

قاعدة البيانات الثانية المستخدمة في الدراسة جاءت من معهد أبحاث الخدمات الصحية التابع ل"مكابي". واستندت البيانات إلى حوالي 16 ألف اختبار مغنيسيوم لأعضاء صناديق المرضى التابعين إلى "مكابي" من مختلف 12 مدينة. أجريت مقارنة بين الوضع قبل عام 2008 - الفترة التي لم يكن فيها الاعتماد تقريبًا على تحلية المياه، والوضع بعد عام 2015 - حيث اصبحت تحلية المياه سائدة. افترض الباحثون أن السبب الرئيسي للفجوة بين تركيزات المغنيسيوم لسكان المدن المختلفة هو الانتقال إلى استخدام المياه المحلاة.

أفاد طالب الدكتوراه في قسم الاقتصاد البيئي في كلية الزراعة في الجامعة العبرية، أور سيمان توف الذي قاد البحث أنه: "أردنا التحقق مما إذا كانت المستويات المنخفضة من المغنيسيوم في المياه المحلاة تؤثر على الصحة العامة...نحن نعلم أن المغنيسيوم مهّم للصحة، ولكن نظرًا لأن 10-20 بالمئة فقط من المغنيسيوم الذي نمتصه يأتي من الماء، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان لنقص المغنيسيوم في الماء تأثير ملحوظ... يأتي معظم المغنيسيوم الذي نستهلكه من الطعام الذي نتناوله. لهذا السبب، يوضح أنه حتى لو لم تكن نسبة عالية من نقص كمية المغنيسيوم اللازمة للشخص، نظرًا لوجود عدد كبير من السكان، ومع الاستخدام على نطاق واسع وعلى مدى فترة زمنية طويلة - قد يكون لهذا النقص التراكمي تأثير كبير ".

الضحايا الرئيسيون

وجدت الدراسة انخفاضًا كبيرًا في مستويات المغنيسيوم في الدم لسكان المدن الذين تحولوا إلى استخدام المياه المحلاة. يقول سيمان توف: "نحن نتحدث عن انخفاض بنسبة 13.5 بالمئة في مستويات المغنيسيوم لسكان مدينة لا تتلقى سوى المياه المحلاة"، وفقا له، هذه نسبة حرجة.

يتابع في قوله: " شهدنا في هذه المدن، زيادة بنسبة 5 في المئة في مخاطر تعرض جميع السكان لمستويات مغنيسيوم أقل من الحد الطبيعي". بالإضافة إلى ذلك، تشير نتائج البحث إلى أنه لا يتأثر الجميع بنفس الطريقة. يتابع بقوله: "وجدنا أنه بالنسبة للسكان ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض - كان الانخفاض أكبر من المتوسط". والسبب في ذلك، حسب قوله، هو استهلاك كميات أقل من الخضار الغنية بالمغنيسيوم. ليس فقط السكان من وضع اجتماعي اقتصادي منخفض هم الأكثر عرضة للخطر، "مع زيادة العمر، وجدنا انخفاضًا أكثر أهمية في مستويات المغنيسيوم في الدم".

على الرغم من أن هذه هي النتائج الأولى التي تشير إلى وجود صلة مباشرة بين الاعتماد على المياه المحلاة ونقص المغنيسيوم بين المستهلكين، فقد وجدت دراسة محليّة في وقت مبكر من عام 2016 أنه في المناطق التي تستخدم فيها المياه المحلاة، هناك زيادة في الوفيات بسبب انسداد شرايين عضلة القلب (النوبة القلبية)، مقارنة بالمناطق التي لا تحتوي فيها مياه الشرب على مياه محلاة.

ما العمل إذاً؟

نظرًا لأهمية الموضوع، يقول قائد البحث توف إن البحث سيتوسع ليشمل المستوى الأوسع. ويشرح قائلاً: "ستبقى المياه المالحة معنا لسنوات عديدة قادمة". "كمية هطول الأمطار آخذة في التناقص، وعدد السكان في ازدياد. نحن بحاجة إلى أن نفهم الآن ما إذا كان الأمر مجديًا من الناحية المالية للاستثمار في إضافة المغنيسيوم إلى المياه للحفاظ على صحة السكان الآن وفي المستقبل."

في عام 2012، أعلنت السلطات عن عينة تجريبية تمت فيها إضافة المغنيسيوم إلى المياه المحلاة نفسها. ولكن تم الكشف مؤخرًا أنه على الرغم من مرور عقد من الزمن، إلا أن العينة التجريبية لم تُطلق بعد، وحتى بمجرد أن يبدأ توزيعها - فمن المتوقع أن تستمر ما بين عام إلى عامين.

تقدم منظمة "آدم تيفا فدين" حلاً آخر ممكنًا: خلط المياه المحلاة بالمياه الجوفية الطبيعية. على الرغم من أنه حل أرخص وأكثر فاعلية، والذي ينوع أيضًا مصادر المياه التي تستخدمها السلطات - هذه الطريقة تستوجب استعادة آبار المياه الجوفية التي تلوثت وجفت على مر السنين بفعل الانسان.

حتى تعمل السلطات على حل المشكلة، وفقًا لوزارة الصحة، لا ينصح بتناول مكمل غذائي من المغنيسيوم دون استشارة خبير. بدلاً من ذلك، يمكنك تناول كمية كافية من المغنيسيوم من خلال التغذية السليمة: الخضار الورقية الخضراء، والمكسرات، والأفوكادو، والحبوب الكاملة، والفاصوليا، والبازلاء، وحتى الشوكولاتة الداكنة.

المقال ترجم وتم ملائمته للغة العربية على يد ريم بركة وجمعية مواطنين من اجل البيئة، عن نص باللغة العبرية لعنبر نعمان من زافيت - وكالة الأنباء التابعة للعلوم و البيئة

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.