يتغير التراث الغنائي والموسيقي في بلاد الشام من مكان لآخر، تبعاً للبيئة والعادات والتقاليد، من القدود الحلبية، والموشحات، إلى العراضة الشامية، والميجانا، والعتابا، والغناء الجزراوي، وغيرهم…

في بلد اكتشفت فيها أول نوتة موسيقية، لا بد أنها منبع للفن والموسيقى إلى كل أصقاع العالم، ثروة في التراث الغنائي بألوانه وفنونه، فالغناء هو فن والفن هو ضرب من الجمال؛ والإنسان بطبيعته محب للجمال، وأمام البحر، والجبل، وشجر الزيتون، والتين والدالية، والسنابل، وجمع الحطب، والتسليق، صدحت الحناجر بالأوف، والميجانا، والدلعونا، وأم الزلف، وجفلة، وغيرها من الأغاني الشعبية، والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالبيئة وتفاصيلها الجميلة، حتى أنها انتشرت في البلدان المجاورة وأصبحت تردد في كل المناسبات.

بالرغم من أن الغناء الشعبي في بلاد الشام؛ يختلف من حيث المضمون، إلا أنه يتقارب كثيراً من حيث الشكل كالدلعونا، والميجانا، وأبو الزلف، تجمعهم الآلام والأفراح والمعاناة ذاتها.

كنت أعلم أن جدتي تشعر بالحزن كلما سمعتها تدندن في المساء هذه الأغنية" ليا وليا ويا بنية نزلت ليا لتسبح وعيونا سود وبتجرح يا بحر الأبيض حبيبتي فيك مرمية"

وأتأثر كثيراً بكلمات الأغنية، وأشعر بالحزن الشديد، حتى أني دائماً كنت أسأل من رمي ليا في البحر يا جدتي؟ وأنام وأنا أفكر ب ليا.

وليا نفسها عرفت في فلسطين ولكن مع اختلاف قصتها فليا تعد من أشهر الأغاني الشعبية في فلسطين:

ليا وليا يا بنية يا واردة عالمية

أمك وأبوك قالولي بدهم يعطوكِ ليا

مشعل هيا هيا يا غالي ذكرك دايم عبالي

ناطر في الكرم العالي أنا واياك سويا


أما جفلة، والتي لعن الحطب والحاجة من أجلها، تعد من أشهر الأغاني التراثية في سوريا، وقصة جفلة رواها الأديب السوري " ممدوح عدوان" حيث أنها من أب لابنته في موسم الحصاد، جاءته بـ «الزوادة» حاملةً على رأسها حطباً أخضراً، وقد كانت الفتاة متعبة من ثقل الحمل ومن شدة الشمس، فجلست على الأرض، وكشفت عن رأسها، وعندما رأى الأب منظر ابنته هذا أشفق عليها وارتجل قائلا:

"شفتك يا جفلة على البيدر طالعة…. وخدودك يا عيني الشمس الساطعة

وسألتك يا بيي ليش مفريعة…. قالت عرقانة تشم الهوا

حملت الحملة وقالت ردا لي…. والحطب أخضر ليش متقاله

ويلعن ابو الحطب عابو المنجالِ…. على بو لدرج الحطب ببلادنا

ميج يا بو الميج يا بو الميجانا…. من عرق خدا تصول وطحانا


وأما الدلعونا التي ارتبط وجودها بالدبكة والأفراح، فقد تنوعت قصصها، فلكل منطقة دلعونا خاصة بها تحكي عن الناس، وهمومهم، وقضاياهم، وقد قيل أن أصل كلمة "دلعونا" مشتقة من آلهة الحب والحرب والخصب عند الكنعانيين "عناة"، وكانوا يسمونها الخطابة، حيث يلجأ الشباب إليها لمساعدتهم بالزواج من حبيباتهم، ويقال أيضا أن أصل التسمية أتت من "دلع" أي الغنج والدلال، ومهما كثرت الأقاويل حول أصل الدلعونا إلا أن القول الوحيد أن الدلعونا أغنية أطربت الجميع، وتكاتفت الأيادي على أنغامها في الدبكة، واشتهرت الدلعونا السورية بهذه الكلمات:

على دلعونا على دلعونا بي بي الغربة الوطن حنونا

امي يا امي حبيبي وينو سكر البحر مابيني وبينو

ان كنو مدين لوفيلو دينو عشرة عصملي مابيهمونا


وأما الدلعونا الفلسطينية:

على دلعونا وعلــــــــــــى دلعونــــــــــــا

زيتـــــــــون بـــــــــــــــلادي أجمــــل مــــــا يكونــــــــــــا

زيتون بلادي واللوز الأخضر والميرامية ولا تنسى الزعتــر

وقراص العجــة لمـا تتحمـــر ما أطيب طعمها بزيت الزيتونا

وقراص العجــة لمـا تتحمـــر ما أطيب طعمها بزيت الزيتونا

يا ربي تشتي ونلبس طاقيـــة ونلبس كبود ونحمل شمسيــة

ونغني سوى يا فلسطينيـــــة دايم في بلادي خبز الطابونـــا


والدلعونا في لبنان:

على دلعونا على دلعونا راحوا الحبايب ما ودعونا

حبك يا قلبي من السفر لافي حيد عالدرب وقلو عوافي

نوقف نتحاكى تحت الصفصافة ونسم يا هوا ع اللي يحبونا


إن معظم الأغاني كانت بدايتها تردد أثناء جني المحصول: كقطاف الزيتون، والليمون، وشك التبغ، وحصاد القمح، وجرش البرغل، وذلك للتخفيف من عناء العمل وإضاعة الوقت، ومن ثم أصبحت أكثر شمولاً، تردد للحب والغزل، والسياسة، والمجتمع.

"والله لجرش برغلهم خشن ناعم حايالا، والله لخطف بنتهم وقول للشوفير يا لله ولا لا يا عمي لا لا عيني عيونا ما أجمالا "

الزيتوني اشتاقت للي زرعوها وزيتات الموني منها أخذوها

عودوا بجاه الله، عودوا شوفوها الأوراق اصفرت، ذبلت الغصونا

شعبي للوطن قدم هدية روحه العزيزة لأجل القضية

ولا يمكن يرضى بالصهيونية ع تراب بلادي أرض الزيتونا

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.