تعريفه

أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقداً شرعياً مستوفي الأركان والشروط، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالسكن أو النفقة أو المبيت.

وهو احدى عقود الزواج كسائر العقود المتعارفة فهو قد أكمل جميع الشروط لعقود الزواج المتعارفة وهي وجود زوجين لا يوجد لديهم موانع شرعية تمنع صحة العقد، ويوجد ولي للزوجة وشاهدا عدل ويتم بحضرة القاضي ويوثق كأي عقد، فهو من الناحية الشكلية صحيح مئة بالمئة، لكن يقع الاختلاف في هذا العقد من الناحية الموضوعية، لأن الزوجة تتخلى عن حقها كزوجة في النفقة والمبيت والسكن.

الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الزواج كثيرة، منها:

• ازدياد العنوسة في صفوف النساء بسبب انصراف الشباب عن الزواج لغلاء المهور وتكاليف الزواج، أو بسبب كثرة الطلاق، فلمثل هذه الأحوال ترضى بعض النساء بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة وتتنازل عن بعض حقوقها.

• احتياج بعض النساء للبقاء في بيت الأهل إما لكونها الراعية الوحيدة لبعض أهلها، أو لكونها مصابة بإعاقة ولا يرغب أهلها بتحميل زوجها ما لا يطيق، ويبقى على اتصال معها دون ملل أو تكلف، أو لكونها عندها أولاد، ولا تستطيع الانتقال بهم إلى بيت زوجها ونحو ذلك من الأسباب.

• رغبة بعض الرجال من المتزوجين في اعفاف بعض النساء لحاجتهن لذلك، أو لحاجته للتنوع والمتعة المباحة، دون أن يؤثر ذلك على بيته الأول وأولاده.

• رغبة الزوج أحياناً في عدم إظهار زواجه الثاني أمام زوجته الأولى، لخشيته مما يترتب على ذلك من فساد العشرة بينهما.

• كثرة سفر الرجل إلى بلد معين ومكثه فيه لمدد متطاولة، ولا شك أن بقاءه فيه مع زوجة أحفظ لنفسه من عدمه.


حكمه بالإسلام

يصح زواج "المسيار" إذا توفرت فيه شروط وأركان عقد الزواج الشرعي، فهذا النوع من الزواج كان موجود منذ القدم، وكان الزوج يَشترط فيه على المرأة الذي يرغب بالزواج منها ألا يساوي بينها وبين نسائه، بالنفقة والسكن والمبيت، فمثلا قد يشترط الزوج على الزوجة أن يكون لها النهار دون الليل وهو ما يسمى "النهاريات"، وقد تبادر المرأة بإسقاط حقوقها، فمن الممكن ان تكون صاحبة مال ومسكن فتسقطهما عنه، وان توافق ان يأتيها بالنهار دون الليل، او بعدد ايام اقل من ضرائرها.

لا يعتبر زواج المسيار محرم على الرغم من اسقاط الزوجة لحقوقها، وعلى الرغم ان بعض اهل العلم قد كرهه لكنه لا يخرج عن الجواز من حيث الشروط والأركان.

أقوال العلماء في هذا الزواج:

• سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن زواج المسيار، فأجاب:

"لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً، وهي وجود الولي ورضا الزوجين، وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد، وسلامة الزوجين من الموانع؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( المسلمون على شروطهم )، فإذا اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها، أو على أن القسم يكون لها نهاراً لا ليلاً، أو في أيام معينة، أو ليالي معينة: فلا بأس بذلك، بشرط إعلان النكاح، وعدم إخفائه"

وقد نقل بعض تلامذة الشيخ رحمه الله أنه توقف عن القول بإباحته آخر أمره، لكن لم نجد شيئاً مكتوباً على ذلك.

• وسئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله:

يدور كلام كثير حول تحريم وتحليل زواج المسيار، ونود من سماحتكم قولا فصلاً في هذا الشأن مع بيان شروطه وواجباته إن كان في حكم الحل؟

فأجاب:

"شروط النكاح هي تعيين الزوجين ورضاهما والولي والشاهدان، فإذا كملت الشروط وأعلن النكاح ولم يتواصوا على كتمانه لا الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤهما وأولم على عرسه مع هذا كله فإن هذا نكاح صحيح، سمِّه بعد ذلك ما شئت".

• وقد سئل الشيخ الألباني عن زواج المسيار فمنع منه لسببين:

الأول: أن المقصود من النكاح هو " السكن " كما قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/21، وهذا الزواج لا يتحقق فيه هذا الأمر.

والثاني: أنه قد يقدَّر للزوج أولاد من هذه المرأة، وبسبب البعد عنها وقلة مجيئه إليها سينعكس ذلك سلباً على أولاده في تربيتهم وخلقهم.

• وكان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى الجواز ثم توقف فيه بسبب ما تخلله من فساد في التطبيق من بعض المسيئين.

• والرأي السائد والأخير أن زواج المسيار إذا استوفى شروط الزواج الصحيح من الإيجاب والقبول ورضا الولي والشهود أو الإعلان فإنه عقد صحيح، وهو صالح لأصناف معينة من الرجال والنساء تقتضي ظروفهم مثل هذا النوع من العقود، وأنه قد استغل هذا الجواز بعض ضعاف الدين، لذا فالواجب عدم تعميم هذه الإباحة بفتوى، بل ينظر في ظرف كل من الزوجين، فإن صلح لهما هذا النوع من النكاح، أجيز لهما وإلا منعا من عقده؛ وذلك منعاً من التزوج لأجل المتعة المجردة مع تضييع مقاصد النكاح الأخرى، وقطعاً للسبيل أمام بعض الزيجات التي يمكن الجزم بأنها ستكون فاشلة وتسبب ضياع الزوجة، كمن يغيب عن امرأته الشهور الطويلة ويتركها في شقة وحدها، وهذا بخلاف من كانت تعيش مع أهلها، أو مع أبنائها، وعندها من الدين والطاعة والعفاف والستر ما يمكن أن يصبرها أثناء غياب زوجها.


زواج المسيار والزواج العرفي

أوجه الشبه

يحتوي عقد الزواج في كلاهما على جميع الأركان والشروط التي يجب توافرها في النكاح المتفق عليها عند الفقهاء، من حيث الإيجاب والقبول والشهود والولي.

يترتب على كلا الزواجين في حق الاستمتاع بين الزوجين، وإثبات النسب والتوارث بينهما، ويحرم عليهما ما حرم على الزواج الشرعي، السرية وعدم اعلان الزواج في كلا الزواجين.

أوجه الاختلاف

الزواج العرفي لا يوثق في اي جهة من الجهات الرسمية وزواج المسيار يتم توثيقه في الجهات الرسمية. كما أن الزواج العرفي يشمل حق الزوجة في النفقة والمبيت، ولكن في زواج المسيار لا يشمل النفقة والمبيت.

المراجع

" فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 450 ، 451) ، و" جريدة الجزيرة " عدد (8768) الاثنين 18 جمادى الأولى 1417هـ.

" جريدة الجزيرة " الجمعة 15 ربيع الثاني 1422 هـ ، العدد : 10508 .

" أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة " ( ص 28 ، 29 ).

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.