طالبت بروفيسورة خولة ابو بكر رئيسة قسم ماجستير في التدريس في أكاديمية القاسمي، ومحاضرة في كلية الجليل الغربي، بتعميم حملة تكشف عن المتحرشن جنسيًا لمعالجتهم، وكذلك تقديم الدعم لضحاياهم.
وجاء في مقالة كتبتها:
تعلو بعض الأصوات مؤخرا تطالب النساء العربيات المساء لهن جنسيا أن تكشف عن إسم أو أسماء المسيئين تماشيا مع حملة "أنا أيضا" التي بدأت في الولايات المتحدة. في الدول التي تم تبني هذه الحملة هناك منظومة متكاملة من التعامل مع نشر أسماء المسيئين تشمل دعما أسريا، قانونيا ومجتمعيا للضحية وتعاملا قانونيا ومهنيا واجتماعيا مناسبا مع المسيء، خاصة مقاطعته ووضع حد لمفهوم "السلطة والسطوة" التي كان يتمتع بها قبل الإعلان عنه كمسيء جنسيا.
في المجتمعات العربية، تُنفّذ الإساءة الجنسية ضد الضحية في الصغر في المحيط الأسري والاجتماعي الأقرب للضحية (الأسرة، الأقارب، الجيران، معارف الأهل والمدرسة)، ويكون الضحايا ذكورا وإناثا. أما لدى البالغين فتنفّذ الإساءة الجنسية من قبل كل من يظن أنه يريد أن يجرّب – بغض النظر عن سن المسيء، مهنته، دينه، درجة تديّنه (المعلنة)، وعلاقته مع الضحية. يتعلم جميع الضحايا، سواء الأطفال أو البالغين أنه في المجتع العربي يسيء المجتمع للضحية بشتى الطرق عند التصريح بشأن الإساءة وعند الإشارة العلنية لإسم المسيء. يعني هذا، أن الضحية تعاني مرتين، مرة عند الإساءة الأصلية من قبل المسيء ومرة أخرى عند امتصاص جميع ردود الأفعال المسيئة من قبل البيئة ضد الضحية عند التعامل غير الصحيح مع خبر الإساءة، خاصة، عند التشكيك في صدق الضحية. بالنسبة لأسماء المسيئين، هنالك قائمة جزئية بأسمائهم مسجلة في عيادات المعالجات والمعالجين، ولكن معظم القائمة موجودة لدى الضحايا من النساء والرجال.
في إحدى القضايا التي أعالجها، يتحرش أخ الزوج منذ شهور بزوجة أخيه ويعبّر لها عن حبه لها وميوله الجنسية تجاهها. تحاول المرأة أن تصده وأن لا تلتقي به، بالرغم من أنه جار لها. وبكل وقاحة يدخل لبيتها بحجة زيارة أخيه ويتابع التحرش بها بشتى الطرق. وضمن منظومة هذا المجتمع التقليدية، تظن المرأة أنها عند مشاركة زوجها بما يحدث فمن المحتمل أن يقتل الزوج أخاه، وهي لا تريد أن تتحمل على عاتقها قتل رجل وزج رجل آخر في السجن ثم "إفتضاح" القصة والتشكيك في سلوكها العفيف وإلصاق العار بها وبأبنائها وبأهلها.
تعاني هذه الضحية من وضع نفسي سيء للغاية بسبب التحرش اليومي والمتواصل المفعّل ضدها. فإذا سكتت سيتم إتهامها بطريقة أو أخرى ولومها لأنها لم تشارك منذ البداية. وإذا حكت، سيتم إتهامها بأنها سببت في جريمة بين الإخوة.
لماذا يتحرش المتحرش؟ هو متزوج، وهذه المرأة هي زوجة أخيه منذ سنوات. ماذا حصل الآن؟ هو يحاول لأنه يظن أن بإمكانه المحاولة ويظن أنه "لن يخسر" لأنه يعرف أن نظام المجتمع يحميه كرجل ويسيء للضحية كمرأة. وبالإمكان القياس على هذا عند إساءة المديرين والزملاء والمسؤولين وأصحاب العمل والمعلمين والمحاضرين والمفتشين والسائقين والقيادات في الأحزاب ورجال الدين والفنانين وغيرهم ضد الضحايا.
إذا كان الهدف من الحملة العالمية لنشر أسماء المسيئين هي تخويف الجناة، فهذا هدف ممتاز. قوموا بتخويفهم وإعلامهم بأن أسماءهم ستبقى دائما مسجلة لدى الضحايا وجزئيا لدى المعالجات والمعالجين. عمموا حملة تثقّف الجناة لتحمّل المسؤولية عن سلوكياتهم والاعتراف عن تحرشهم والاعتذار للضحايا. وعمموا حملة تثقّف المجتمع للكشف المبكّر عن المسيئين ومعالجتهم ودعم الضحايا نفسيا، أسريا ومجتمعيا.
لا تحمّلوا الضحايا مسؤولية تغيير مجتمعي في قضايا مرضية متأصّلة. إجروا التغيير وادعموا الضحايا.
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.