ملفات خاصة

معركة الساحل تخلط الأوراق في عرين الأسد أرض المواجهة الطائفية والجبهة الحاسمة

معركة الساحل تخلط الأوراق في عرين الأسد أرض المواجهة الطائفية والجبهة الحاسمة إنها معركة الصورة يخوضها النظام السوري ومعارضوه. جنود وسيمون منشغلون بزواجهم الجماعي للإيحاء بأن الحياة طبيعية في اللاذقية، وعرائس بفساتين ضيقة عاريات الأكتاف، بينما يشهد شمال سوريا وشرقها انتشاراً لجماعات جهادية على صلة بتنظيم "القاعدة". ورئيس أركان "الجيش السوري الحر" اللواء سليم ادريس يتنقل في ريف اللاذقية محاطاً بمقاتلين ملتحين.

معركة الساحل تخلط الأوراق في عرين الأسد أرض المواجهة الطائفية والجبهة الحاسمة

 

 

 

إنها معركة الصورة يخوضها النظام السوري ومعارضوه. جنود وسيمون منشغلون بزواجهم الجماعي للإيحاء بأن الحياة طبيعية في اللاذقية، وعرائس بفساتين ضيقة عاريات الأكتاف، بينما يشهد شمال سوريا وشرقها انتشاراً لجماعات جهادية على صلة بتنظيم "القاعدة". ورئيس أركان "الجيش السوري الحر" اللواء سليم ادريس يتنقل في ريف اللاذقية محاطاً بمقاتلين ملتحين.

اغتنم ادريس زيارته الأحد لمنطقة كفر دلبة في جبل الأكراد لمد اليد إلى العلويين بقوله إن المواجهة لا تستهدفهم بل نظام بشار الأسد. كذلك وجه رسائل إلى فصائل المعارضة بتأكيد التنسيق الكامل بين قيادات الجبهات، بعد أنباء عن سحب بعض الكتائب المقاتلة في ما سمي "معركة تحرير الساحل" التي انطلقت في 4 آب الذي صادف 27 رمضان، مع ما للأيام الأخيرة من شهر الصيام من مكانة. وتحدث عن تسليح الجبهة المستجدة و"مدها بكل ما يلزم"، بيد أن الإمدادات التي حملها لم تكن سوى "بعض الذخيرة"، استناداً الى قائد ميداني.

 

معركة الساحل

والوقائع على الأرض لا تخضع كلياً لحسابات ادريس و"الجيش السوري الحر" الذي لا يخوض المعركة منفرداً. فـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام" هي من أعلن الأحد إطلاق صواريخ على القرداحة، مسقط آل الأسد، وسط تقارير مفادها أن المقاتلين باتوا على مسافة 20 كيلومتراً فقط منها وأن صواريخ سقطت عند ضريح الرئيس السابق الراحل حافظ الأسد. لدى أنصار هذا الفصيل المرتبط بتنظيم "القاعدة" تحمل المواجهة اسم "معركة أحفاد أم المؤمنين عائشة"، في استعادة لرمز يحظى بإجلال كبير لدى السُنة في منطقة حضور علوي. وتحت هذا العنوان كذلك تقاتل "جبهة النصرة" و"لواء أحرار الجبل" و"ألوية أحفاد الرسول" و"كتائب الهجرة إلى الله" و"جبهة الأصالة والتنمية" وفصائل إسلامية أخرى.

وقد فر علويون من منازلهم، وقتل في الأيام الأولى للعملية نحو 200 شخص قال "لواء أحرار الجبل" إنهم من الجنود و"الشبيحة". وفُقِدَ 400 مدني، معظمهم علويون. واحتجزت "جبهة النصرة" رجل دين علوياً بارزاً. وفي بعض التقارير أن سكان قرية كفرية في منطقة الحفة شمال القرداحة، استُخدموا دروعاً بشرية لصد القوات النظامية السورية. وفي بيان لـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام" مؤرخ 11 آب عن "تطهير" منطقة الساحل من "المشركين"، أن مقاتليها استولوا على برج بارودة الاستراتيجي الذي كان يُستخدم للقنص على قرى "أهل السُنة". كما سيطروا على 12 قرية علوية بينها بيت شكوحي وأوبين ونباتي وبومكة والحمبوشية وخربة باز، وبلغوا مشارف جبل النبي يونس.

ويذكر أنه في أيار، سقط مرصد سولاس في جبل التركمان في أيدي المعارضة. وقد وفر جبلا الأكراد والتركمان، وهما منطقتان سنيتان، مواقع استراتيجية للإطلالة على مراكز عسكرية نظامية في اللاذقية وتسهيل تحرك المعارضة في الشمال وتهديد طريق اللاذقية - حلب، ذلك أن جبل الأكراد متصل بحلب حيث استولت المعارضة على مسار رئيسي للإمدادات من تركيا بسقوط مطار منغ العسكري. وكان الجيش السوري استخدم الكنائس في قرى جبل الأكراد منطلقاً لقصف المعارضين قبل سيطرتهم على الجبلين. أما منطقة جبل صهيون التي كان صلاح الدين الأيوبي أسكن أكراداً فيها، فمختلطة بين السُنة والعلويين. وقال الناشط أبو حمزة من ريف اللاذقية لـ"النهار" إنه ليست للواء ادريس يدٌ في العملية التي كانت "الكتائب الإسلامية" الأساس فيها، بالتعاون مع بعض فصائل الجيش السوري الحر، وشهدت بطولات وتضحيات لا توصف، وارتقى خيرة الشباب شهداء". وأوضح أن المخطط موضوع منذ ثلاثة أشهر مع عمليات رصد مستمرة، وقضى بضرب مرصدَي بارودة وستربي وخيم دورين فجراً. وأضاف أن "ما كان مفاجئاً هو سرعة السيطرة على تلك الأماكن وهرب جنود الجيش الأسدي مع الشبيحة وقتل أعداد لا بأس بها ممن لم يفروا. حتى أنهم تركوا القرى النُصيرية (العلوية) التي كانوا يحمونها". وعزا الانسحاب إلى أن الجنود "لديهم دائماً خطة للانسحاب، فهم غير مستعدين للتضحية والموت، بل يكونون في مكان بعيد، يقصفون ويبيدون البشر والشجر". وسرعان ما تعرض ريف اللاذقية لقصف جوي عنيف وإحراق للغابات لتعرية مساحات شاسعة لكشف مواقع مقاتلي المعارضة.

سألنا أبا حمزة عما حصل فعلاً في القرى، فتحدث عن رجل علوي قتل زوجته وأولاده "لما عرف بدخولنا، ولكن سبحان الله لم تمت ابنته، أسعفناها وهي حكت لنا عما فعله والدها". وقال إن رجلاً آخر "استخدم نجله درعاً بشرية وهو يطلق النار على الثوار، فقضيا معاً". وأقر باحتجاز نحو مئة امرأة وولد، و"هم بخير وسنبادلهم مع أسرانا لدى النظام". وأكد أبو حمزة أن العملية لن تتوقف، وإن تكن صعبة، فقد "كرت المسبحة، والنظام يدرك أن التقدم في عقر داره يعجل في نهايته". وبما أنها مواجهة مفتوحة، فكل شيء وارد لحسمها. وحذر المكتب العسكري لـ"جبهة الأصالة والتنمية" من إخلاء النظام القرى العلوية تمهيداً لقصف المعارضين بالأسلحة الكيميائية. وأوردت صفحات موالية للنظام السوري في مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن توزيع أقنعة واقية من الغازات على التجمعات العلوية. وأشارت بدورها الى "اشتباكات عنيفة مع مجموعات مسلحة للمعارضة التكفيرية". وأفادت أن الهدف الحالي للجيش السوري هو جبل الأكراد لربطه حلب باللاذقية، وخصوصاً قرية سلمى في وسطه، وهي توصف بأنها "قُصير اللاذقية" لأهميتها العسكرية والاستراتيجية، وكذلك صلنفة قرب جبل النبي يونس، وبدرجة أقل الحفة في جبل صهيون.

ماذا بعد

قد يكون سابقاً لأوانه توقع النتائج الاستراتيجية لمعركة الساحل، بعدما حققت أهدافها الرمزية والمعنوية. إذ ثمة من يعتقد أن الجيش السوري استدرج المعارضين للخروج من جبلي التركمان والأكراد، وأن هؤلاء كشفوا ظهر مناطقهم في حلب وإدلب، وإن يكن التحليل نفسه ينطبق على القوات النظامية في إدلب وحمص. ويعتقد البعض أن الهجوم أعاد اللحمة إلى العلويين الذين بدأوا يتململون من كثرة الخسائر البشرية في صفوفهم.

والواقع أن اللاذقية تضم خليطاً من السُنة والعلويين، مما يجعل المواجهة المذهبية أمراً محتماً، وخصوصاً بعد الندوب العميقة التي خلفتها الأزمة السورية. ولكن على نقيض الاعتقاد الشائع، ليست مناطق الساحل السوري علوية الهوية. فالعلويون لا يتجاوزون 42 في المئة من السكان، والسُنة 56 في المئة والباقي مسيحيون. وهذا يدحض نظرية الدويلة العلوية في الساحل. وفي رأي المعارض هيثم المالح أن "مشروع تقسيم سوريا يفشل مع كل شبر يزحفه المقاتلون في اتجاه اللاذقية". ولم يستبعد الأمين العام للتيار السوري الديموقراطي محيي الدين اللاذقاني أن تعجل المعركة في انقلاب ضباط علويين على النظام بذريعة أنه فشل في حماية مناطقهم. وقال لـ"النهار" إن هذا الانقلاب، بواجهة سُنية، قد يكون حلاً مريحاً لروسيا لتحافظ على مصالحها الاستراتيجية في طرطوس وتحول دون تفتت الجيش السوري.

وفي كل الأحوال، نجحت المعارضة السورية في نقل معركتها إلى "أرض الخصم"، مع ابقاء الجبهات الأخرى في العاصمة وريف دمشق ومحيط حمص وحلب ودير الزور ودرعا. إنها مواجهة مفتوحة في أكثر انحاء سوريا، بينما تبقى المعارضة السياسية متخبطة في انقساماتها والحل السياسي بعيد المنال.

المصدر: صحيفة النهار اللبناني

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.