صحيح أن مسيرات العودة في ذكرى النكبة والنكسة لم تتم كما خطط لها، ولكنها خلفت آثارًا قيّمة لا يستهان بها. ضمن هذه الآثار كان إعادة اللاجئين الفلسطينيين - الذين يقدّر عددهم بخمسة ملايين - إلى المشهد الفلسطيني وبقوّة، فخلال العقود الماضية تمّ تهميش اللاجئين ودورهم المحوري في القضية الفلسطينية، وتمّت محاولات مكثّفة لسلخهم عن هويتهم وتوطينهم في بلاد اللجوء، كونهم يشكلون كابوسًا لإسرائيل التي تعتبر عودتهم إلى الأراضي المحتلة خطًا أحمر. كذلك فإن مسيرات العودة أعادت المعركة إلى ميدانها الحقيقي، وهي ليست الأراضي المحتلة عام 1967 فحسب بل الأراضي المحتلة عام 1948، حيث أن هؤلاء اللاجئين طردوا وهجّروا من ديارهم عام 1948، ودمّرت قراهم عام 1948، وكانت نكبتهم عام 1948. وهذه الثورة ألقت الرعب في قلوب الصهاينة - الذين أوهموا أنفسهم بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون" - فأسرع قادتهم الأمنيون لعقد مؤتمرات طارئة أعلنوا فيها عن ضرورة الوصول إلى حل مع الفلسطينيين، وإعادة إحياء مبادرة السلام العربية، وحذّروا من "العاصفة" التي تحيط بهم. تعتبر هذه الآثار نجاحًا نسبيًا لو أخذنا بعين الاعتبار الضغوط الهائلة التي مورست ضد هذا التحرّك؛ فقد وصل الحد بالإسرائيليين إلى إرسال نائب وزير خارجيتهم داني أيالون إلى مقر "فايسبوك" في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ولقاء كبار المسؤولين في الشبكة، إذ طلب منهم إغلاق الصفحة الداعية لانتفاضة ثالثة ضد إسرائيل، وما كان من الشبكة إلا أن لبّت مطلبه - وإن بإيجاد حل وسط -؛ فأغلقت الصفحة وأعادت فتحها مرة أخرى لاحقًا حتى لا تخسر الجمهور العربي والإسلامي، ولكنها زيّفت العدد الحقيقي للمشاركين فيها وفقًا لإدارة الصفحة. أضف إلى ذلك الضغط الصهيوني-الأمريكي الذي مورس على دول الطوق المحيطة بالكيان لمنع المسيرات المليونية. لا شكّ في أن هذه المسيرات حرّكها وقادها الشعب الفلسطيني وليس جهات خارجية، واتهام جهات خارجية بتحريكها باطل فيه استخفاف بقدرات الشعب الفلسطيني، فالأصحّ أن هناك جهات "سهّلت" الطريق لهذه المسيرات لأسباب وظروف معيّنة، وهناك جهات أخرى أغلقت الطريق أمامها ومنعتها بالقوّة. مسيرات العودة أثبتت من جديد أن هناك مكيالين يكال بهما في المنظومة الدولية الرسمية، فالسيد بان كي مون في تصريح للناطق باسمه أعرب عن "قلقه الشديد" إزاء مجزرة الجولان التي استشهد فيها حوالي 20 شخصًا وأصيب أكثر من 300 آخرين، وذكر أنه "يدين العنف" (لم يذكر مصدره) و"يدين الأعمال الاستفزازية التي تؤدي إلى العنف"(!)، بينما أمريكا أدانت سوريا وذكرت أن "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها."(!) عندما نقارن هذه التصريحات للأمم المتحدة وأمريكا وغيرهما من الدول الغربية، بتصريحاتهم التي تلي إصابة شخص إسرائيلي، أو بيت إسرائيلي، أو بقرة إسرائيلية من قبل جهة ما، يتضح أنهم لا يكيلون بمكيالين فحسب، بل يمارسون النفاق والتضليل بصورة رسمية ومهنية، ويتضح كذلك أن عالمنا تحكمه منظومة دولية تتغلغل فيها العنصرية والحقد والكراهية. إن إسرائيل التي تخشى التحوّل الديمغرافي لفلسطينيي الداخل لا يمكن أن تتحمّل عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، فهذا بمثابة انتحار بالنسبة لها. لكن في ذات الوقت حق العودة يقف على رأس مطالب الشعب الفلسطيني، وما استشهاد الفلسطينيين على حدود بلادهم التي هجّروا منها إلا دليلاً قاطعًا على أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم التاريخية، وهو ما يجعلنا نستنتج أننا أمام مسألة حياة أو موت.

صحيح أن مسيرات العودة في ذكرى النكبة والنكسة لم تتم كما خطط لها، ولكنها خلفت آثارًا قيّمة لا يستهان بها.

ضمن هذه الآثار كان إعادة اللاجئين الفلسطينيين - الذين يقدّر عددهم بخمسة ملايين - إلى المشهد الفلسطيني وبقوّة، فخلال العقود الماضية تمّ تهميش اللاجئين ودورهم المحوري في القضية الفلسطينية، وتمّت محاولات مكثّفة لسلخهم عن هويتهم وتوطينهم في بلاد اللجوء، كونهم يشكلون كابوسًا لإسرائيل التي تعتبر عودتهم إلى الأراضي المحتلة خطًا أحمر.

كذلك فإن مسيرات العودة أعادت المعركة إلى ميدانها الحقيقي، وهي ليست الأراضي المحتلة عام 1967 فحسب بل الأراضي المحتلة عام 1948، حيث أن هؤلاء اللاجئين طردوا وهجّروا من ديارهم عام 1948، ودمّرت قراهم عام 1948، وكانت نكبتهم عام 1948.

وهذه الثورة ألقت الرعب في قلوب الصهاينة - الذين أوهموا أنفسهم بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون" - فأسرع قادتهم الأمنيون لعقد مؤتمرات طارئة أعلنوا فيها عن ضرورة الوصول إلى حل مع الفلسطينيين، وإعادة إحياء مبادرة السلام العربية، وحذّروا من "العاصفة" التي تحيط بهم.



تعتبر هذه الآثار نجاحًا نسبيًا لو أخذنا بعين الاعتبار الضغوط الهائلة التي مورست ضد هذا التحرّك؛ فقد وصل الحد بالإسرائيليين إلى إرسال نائب وزير خارجيتهم داني أيالون إلى مقر "فايسبوك" في ولاية كاليفورنيا الأمريكية ولقاء كبار المسؤولين في الشبكة، إذ طلب منهم إغلاق الصفحة الداعية لانتفاضة ثالثة ضد إسرائيل، وما كان من الشبكة إلا أن لبّت مطلبه - وإن بإيجاد حل وسط -؛ فأغلقت الصفحة وأعادت فتحها مرة أخرى لاحقًا حتى لا تخسر الجمهور العربي والإسلامي، ولكنها زيّفت العدد الحقيقي للمشاركين فيها وفقًا لإدارة الصفحة. أضف إلى ذلك الضغط الصهيوني-الأمريكي الذي مورس على دول الطوق المحيطة بالكيان لمنع المسيرات المليونية.

لا شكّ في أن هذه المسيرات حرّكها وقادها الشعب الفلسطيني وليس جهات خارجية، واتهام جهات خارجية بتحريكها باطل فيه استخفاف بقدرات الشعب الفلسطيني، فالأصحّ أن هناك جهات "سهّلت" الطريق لهذه المسيرات لأسباب وظروف معيّنة، وهناك جهات أخرى أغلقت الطريق أمامها ومنعتها بالقوّة.

مسيرات العودة أثبتت من جديد أن هناك مكيالين يكال بهما في المنظومة الدولية الرسمية، فالسيد بان كي مون في تصريح للناطق باسمه أعرب عن "قلقه الشديد" إزاء مجزرة الجولان التي استشهد فيها حوالي 20 شخصًا وأصيب أكثر من 300 آخرين، وذكر أنه "يدين العنف" (لم يذكر مصدره) و"يدين الأعمال الاستفزازية التي تؤدي إلى العنف"(!)، بينما أمريكا أدانت سوريا وذكرت أن "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها."(!)

عندما نقارن هذه التصريحات للأمم المتحدة وأمريكا وغيرهما من الدول الغربية، بتصريحاتهم التي تلي إصابة شخص إسرائيلي، أو بيت إسرائيلي، أو بقرة إسرائيلية من قبل جهة ما، يتضح أنهم لا يكيلون بمكيالين فحسب، بل يمارسون النفاق والتضليل بصورة رسمية ومهنية، ويتضح كذلك أن عالمنا تحكمه منظومة دولية تتغلغل فيها العنصرية والحقد والكراهية.

إن إسرائيل التي تخشى التحوّل الديمغرافي لفلسطينيي الداخل لا يمكن أن تتحمّل عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، فهذا بمثابة انتحار بالنسبة لها. لكن في ذات الوقت حق العودة يقف على رأس مطالب الشعب الفلسطيني، وما استشهاد الفلسطينيين على حدود بلادهم التي هجّروا منها إلا دليلاً قاطعًا على أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم التاريخية، وهو ما يجعلنا نستنتج أننا أمام مسألة حياة أو موت.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.