رأي

الفيضانات في البلدات العربية؛ عوامل وارشادات

بقلم: طارق محمود بصول


شهدت ربوع بلادنا خلال الاسبوعيين المنصرمين أيام مباركه، فقد اغاثنا المولى عز وجل بغيثاَ ارتوت منه الأرض وجرت الاودية ونمت الزراعة، الا ان هنالك بعض البلدات العربية عانت من فيضانات اغرقت الطرقات وداهمت البيوت تاركه خلفها اضراراً في الحيز العام والخاص، في هذه المقالة سوف نسلط الضوء على أسباب هذه الفيضانات من المنظور الجغرافي ونختم ببعض الارشادات التي لربما توقي البلدات العربية من فريسة الفيضانات وتقزم من الاضرار العامة والخاصة.


هنالك عدة عوامل أدت الى حدوث الفيضانات، منها عامل طبيعي وأخرى بشري:


العامل الطبيعي: نتيجة التغيرات المناخية العالمية التي تراكمت في العقود الأخيرة شهدت منظومة المناح المحلي خللاً ، فقبل عدة عقود عهدنا سقوط امطار متوازية تمتد من شهر تشرين اول حتى اذار، الامر الذي يتيح للأرض استيعاب هذه الأمطار وتعبئة خزانات المياه الجوفية، اما اليوم ونتيجة التغيرات المناخية اصبح سقوط الأمطار غير متجانس، بحيث نشهد فترات تتساقط كمية كبيرة من الامطار وايام اخر تتساقط كمية قليلة او انها تبقى دون امطار، خلال الأيام الماطرة وبكثافة يصعُب على ألأرض استيعاب هذه المياه، لهذا تطفوا على السطح مكونة فيضانات.


اتساع الرقعة العمرانية: نتيجة التكاثر الطبيعي الذي نبع من زيادة نسبة الولادة وانخفاض نسبة الوفيات ازداد عدد السكان، الامر الذي أدى الى بناء بيوت أكثر وخاصة بعد تردي قيمة الأرض الزراعية بعد إيجاد مصدر عمل بديل للزراعة (التي كانت المصدر الرزق الأساسي في البلدات العربية حتى نهاية سنوات ال-60 من القرن الماضي)، لهذا اتسعت الرقعة العمرانية؛ بيوت، اماكن عامة، شوارع. هذه الأماكن تحولت لتكون سد مانع لتغلغل المياه في باطن الارض، لهذا تبقى المياه على سطح الارض مكونه فيضانات.


الانسان والبيئة: بالرغم من وجود عبارات لتصريف المياه، الا ان هنالك بعض السكان يقومون بألقاء القمامة والنفايات بداخل هذه العبارات التي تتراكم وخصوصاً في أيام الصيف وتتحول في فصل الشتاء لتكون سد مانع لجريان المياه داخل هذه العبارات، لهذا تطفوا المياه على سطح الأرض مكونة تيار مائي وفيضانات.


الموقع الجغرافي التاريخي للبلدات العربية: تتميز البلدات العربية بموقعها الجغرافي الذي يتمركز على تلال او مناطق مرتفعة، فقد تبنى سكان البلدات العربية السكن على تلال من اجل توفير الحماية واستغلال الأراضي السهلية للزراعة، لهذا مع تساقط الامطار على سفوح الجبال تجرى نحو الأسفل وتَكون البلدات العربية فريسة هذه الامطار.


بعد عرض العوامل التي أدت الى حدوث فيضانات في البلدات العربية، سوف نعرض في الاسطر القادمة اثنين من الارشادات التي لربما تعود بالفائدة وتُجنب البلدات من ظاهرة الفيضانات:


تحضيرات السلطة المحلية: على السلطة المحلية القيام ببعض التحضيرات قبل بداية فصل الشتاء من خلال؛ تنظيف العبارات، إقامة عبارات أخرى لاستيعاب المياه ومن ثم تحويلها للتصريف الصحي او إقامة مجمع مياه في محيط البلدة ويتم استغلال المياه لمشاريع مختلفة.


المحافظة على بيئة بلدنا: على كل واحد منا ان يضع على راسة قبعة سفيراُ للمحافظة على بيئة بلادنا التي تعد بيتنا الدافئ، علينا الامتناع ورفض التلويث البيئي من خلال عدم القاء النفايات في عبارات المياه او في كل مكان اخر يشوه المنظر الطبيعي والعام، فهنالك أماكن مخصصة لذلك (תחנת מעבר).


للختام: من الممكن القول ان كل معاناة الظواهر طبيعية هي من فعل الانسان، فالعامل الطبيعي الذي وُلد نتيجة التغيرات المناخية العالمية هو من يد الانسان الذي كان عنصراً هاماً بظاهرة الدفيئة، العوامل البشرية منها الرقعة المعمارية وعدم التخطيط الصحيح لبنية تحتية تجيب لمتطلبات هذا الاتساع من عمل الانسان، القاء النفايات في العبارات لتكون سداَ مانعاَ لجريان المياه ايضاَ من فعل الانسان، من هنا علينا الحفاظ على كوكبنا الأزرق ولنكون سفراء للبيئة لتجنب فخ الظواهر الطبيعية وفريسة الفيضانات.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.