عربي
youtube

قمة سوتشي و"الفيتو" التركي يجنبان إدلب كارثة إنسانية

محمود عثمان - وكالة الأناضول


في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الروسي بوتين في سوتشي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاق أنقرة وموسكو على إقامة منطقة منزوعة السلاح، تفصل بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام في منطقة خفض التوتر بإدلب، شمال غربي سوريا.


أردوغان أوضح أيضا أن تركيا وروسيا ستجريان دوريات بالتنسيق معا، في حدود المنطقة المنزوعة السلاح المحددة، وأكد أن المعارضة ستبقى في أماكنها، و"سنضمن عدم نشاط المجموعات المتطرفة في المنطقة". 

لكن العبارة ألأبرز في تصريح أردوغان كانت قوله: "خلال محادثاتنا، قطعنا شوطا هاما للغاية بخصوص إيجاد مخرج متعلق بإدلب السورية يأخذ بعين الاعتبار مخاوفنا المتبادلة".

المخرج المقصود هنا، توليفة تضمن خروج جميع الأطراف رابحين من خلال الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قمة سوتشي.

الرابح الأول في قمة سوتشي هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ذهب إلى شفير الحرب في التصعيد العسكري والسياسي معا. لكن الفيتو الأمريكي التركي المتوازيان فاجأه، وجعلاه أمام خيار صعب للغاية، قد يعرضه لخسارة حليف وشريك استراتيجي بحجم تركيا، وبالتالي خسارة جميع مكتسبات عملية أستانا، ما جعله كما لو كان عالقا فوق الشجرة بانتظار فرصة نزول تحفظ ماء الوجه، دون خسارة استراتيجية، فجاءت قمة سوتشي فرصة مناسبة لنزول مشرف.

** التصعيد العسكري والسياسي الروسي

قبل أيام قليلة، لم يكن بوتين ليقبل بأقل من القضاء على جميع الإرهابيين في إدلب. وعندما يتحدث الروس عن الإرهاب والإرهابيين فإنهم يقصدون كل من يعارض نظام الأسد، بما في ذلك المعارضة ذات الأجندة الوطنية السورية. 

قبل أيام معدودة، كانت موسكو مشغولة بإنتاج سيناريوهات الأسلحة الكيماوية، وإثبات أن المعارضة وأمريكا تحضران لهجوم وشيك باستخدامها.

قبل أيام قريبة، كان سلاح الجو الروسي يستهدف المستشفيات ومخيمات اللاجئين، بنفس الطريقة والتكتيك الذي اتبعه الروس قبيل الهجوم على حلب والغوطة ودرعا، في رسالة واضحة بأن الحملة العسكرية على إدلب قاب قوسين أو أدنى.

** الفيتو الأمريكي ضد هجوم عسكري شامل على إدلب

محاولة الروس فرض أمر واقع على الأرض السورية بذريعة الحرب على الإرهاب، لم يحظ بضوء أخضر أمريكيا. بل على العكس تحرك الأسطول الأمريكي نحو البحر الأبيض المتوسط، كما تم تعزيز القوات الأمريكية المتواجدة في الخليج العربي. 

مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتن كان واضحا وصريحا خلال اجتماعه برئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، حين استخدم الفيتو الأمريكي ضد أي عمل عسكري شامل في إدلب.

التسريبات التي أعقبت لقاء بولتن ـ باتروشيف تقول بأن الطرف الروسي اتهم الطرف الأمريكي بأن وجودكم في سورية غير شرعي. أما نحن، والقول لباتروشيف، فقد جئنا إلى سورية بطلب من حكومتها الشرعية. فرد عليه بولتن، على ذمة التسريبات طبعا، قائلا: "أي شرعية تؤخذ من الأسد؟!.. الأمر بالنسبة إلينا في غاية السهولة والبساطة، غدا نسقط نظامه فنصبح نحن الشرعيين، وتصبحون أنتم غير شرعيين".

وصول قوات الناتو إلى المياه الإقليمية السورية بمشاركة أوربية فعالة، وحديث ميركل رئيسة وزراء ألمانيا عن مشاركة ألمانية في عملية عسكرية مرتقبة في سورية، تأكيدات أخرى للفيتو الأمريكي وإشارات واضحة على جديته.

** الفيتو التركي ضد أي عمل عسكري في إدلب

الفيتو الأمريكي رافقه بالتوازي فيتو تركي واضح. ليس بالقول فقط إنما بالحشود العسكرية غير المسبوقة نحو إدلب، ودعوة عشرات الآلاف من مقاتلي الجيش الحر ليكونوا على أهبة الاستعداد لخوض معركة محتملة في إدلب. 

الاستعدادات التركية لم تقف عند هذا الحد. بل تعدته إلى تزويد بعض فصائل الجيش السوري الحر بأسلحة متطورة ومضادات للدبابات، بجانب:

ـ التظاهرات الشعبية العارمة يوم الجمعة الماضي، وتغطية الصحافة التركية لها، ودعوة العالمية لتغطية الحدث، كانت أيضا جزءا من "الفيتو" التركي ضد عملية إدلب.

عودة التظاهرات السلمية ربما كانت هي الرسالة الأقوى في التصدي لأي عمل عسكري في إدلب. إذ تعني أن من يقوم بهجوم عسكري في إدلب، إنما يتصدى لثورة شعبية سلمية.

ـ تركيز الرئيس أردوغان على البعد الإنساني بقوله: "أعتقد أننا تمكنا عبر هذا الاتفاق من منع حدوث أزمة إنسانية كبيرة في إدلب"، جاء متناغما مع الرسائل السلمية التي بعثت بها التظاهرات السلمية يوم الجمعة والتي عمت جميع المناطق المحررة.

ـ تساؤل الرئيس أردوغان: "هل رأيتم أحدا في إدلب يرفع أعلام روسيا أو ألمانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة، إنهم يرفعون أعلام تركيا، يقولون بأن "النظام طلبهم" ونحن نقول بأن الشعب السوري "طلبنا".. رسالة وإشارة أخرى على الفيتو التركي ضد الهجوم على إدلب.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.