صادف يوم الثلاثاء المنصرم رأس السنة الإيرانية "النيروز"، الوقت الذي يتساوى فيه الليل والنهار. لا يوجد مثل هذا العيد للتبشير بالربيع، الذي بعده سيأتي الصيف ومعه عادة تأتي الحرب. كل حرب ستكون مناسبة "لنا". ضد حماس، ضد حزب الله أو في سورية ايضا، مع بقشيش التورط مع روسيا. لا يوجد مثل الحرب من اجل تجنيد القومية وتفكيك تهديد الانتخابات وبقاء رئيس الحكومة في كرسيه. 

التحذيرات الموسمية تم اخراجها من الجارور، رئيس الشباك فتح رزنامة الاعياد ولاحظ أنه مكتوب فيها بأن حماس ستنفذ عمليات قبل عيد الفصح، وفي القيادة الشمالية يُعدون خطة عمل ممكنة أمام حزب الله، والى جانب كل تحذير كهذا يوجد تحفظ مناسب: "لا أحد من الاطراف يريد البدء في الحرب". التحذير والتحفظ في نفس الوقت. وفي لحظة واحدة يتم نسيان كل الاحتمالات التي فسرت حتى الآن إلى أي حد حزب الله ضعيف ومصاب، ولماذا الصلة الآخذة بالتزايد بين مصر وحماس هي ضمانة مناسبة لمنع التورط في المواجهة.

ليس هناك أي رغبة في الحرب. حماس لن تكسب من استئناف إطلاق النار على إسرائيل، ليس في عيد الفصح أو في "لاغ بعومر" أو عيد نزول التوراة. فنتائج عملية الجرف الصامد بينت لها أن الحرب مع إسرائيل لن تضمن النجاح في الساحة الفلسطينية أو العربية. سيطرتها على غزة مطلقة تقريبا، والتيارات السلفية لا تهددها فعليا. وحسب رأي إسرائيل هي تعتبر السيد، ومن هنا فانها المسؤولة عن الهدوء. اضافة إلى ذلك، بفضل اعتراف إسرائيل بسيادتها، نجحت حماس في خلق توازن ردع، ووضع جدار قوي أمام طموح إسرائيل في القضاء على قيادتها.

على الصعيد السياسي نجحت حماس في وضع محمود عباس في زاوية الرافض الفلسطيني الذي يضع علاقة السلطة الفلسطينية مع الولايات المتحدة ومع مصر في موضع الخطر بسبب تصميمه على عدم المصالحة مع حماس أو الموافقة على استبداله بمحمد دحلان. استئناف الصراع العنيف مع إسرائيل ليس فقط لن يعطي حماس افضلية استراتيجية، بل من شأنه أن يحطم الوضع القائم المريح.

حزب الله ايضا يتصرف بناء على ميزان الردع، الامر الذي يسمح له بتحسين وضعه السياسي في لبنان. تدخله في الحرب السورية لم يمنعه من فرض تعيين الرئيس اللبناني ميشيل عون في تشرين الاول الماضي، وهو يقود الصراع نحو قانون الانتخابات الجديد من اجل الانتخابات التي ستجري أو تؤجل للمرة الثالثة، في أيار القريب. وهو ليس بحاجة إلى جبهة عسكرية اخرى مع إسرائيل التي من شأنها أن تعزز خصومه.

ايران التي تقترب ايضا من الانتخابات في أيار ليس لها سبب عقلاني لتحريك حزب الله أمام إسرائيل الآن، حيث أنها تخوض صراع سيطرة في سوريا أمام روسيا التي سمحت لإسرائيل حتى الآن بالعمل بشكل حر ضد قوافل السلاح من سورية إلى لبنان. وليس واضحا اذا كانت سياسة روسيا ستتغير بعد الضربة الإسرائيلية الاخيرة، لكن هذه المفارقة ليست فقط لإسرائيل، بل ايضا لايران وحزب الله، حيث أن المبادرة إلى مواجهة مع إسرائيل من شأنها ترجيح كفة روسيا في صالح إسرائيل.

 حسب حزب الله أو حماس أو ايران أو روسيا فان إسرائيل فقط لديها الآن اعتبار عقلاني للخروج إلى الحرب، لا سيما على خلفية لعبة الانتخابات. هذه بالضبط هي اللحظة التي مطلوب فيها من الجهات العقلانية، مثل الجيش الإسرائيلي والشباك والاجهزة الامنية الاخرى، الكشف عن وكبح كل خطأ سياسي لجر إسرائيل إلى حرب اخرى. بدل التحذيرات الزائدة التي قد تشعل الحرب يفضل وقف اعداد القلوب لـ "الحرب التي لا خيار فيها". يجب علينا التذكر أن الانتخابات ليست سببا شرعيا للحرب.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.