نتنياهو لم يشغل الكابينيت لسببين؛ الاول، لم يكن يثق بوزرائه واعتبرهم اعداء. الثاني، لم يكن له هدف استراتيجي لتقديمه لهم.

يوم الثلاثاء القادم سيرفع الحظر عن تقرير مراقب الدولة حول عملية الجرف الصامد. في الجهاز السياسي والعسكري ينتظرون نشر التقرير بأعصاب مشدودة. وهناك من يريد أن يبني نفسه عليه، وهناك من يعرف أنه سيتضرر وهناك من يستعد للحرب على اسمه الجيد وعلى مكانه في التاريخ. التقدير هو أنه يوجد في التقرير ملاحظات انتقادية ومنها ملاحظات صعبة، ولا توجد توصيات للإقالة: الطريقة التي كتب فيها التقرير تجعله لا يشكل تهديدا استراتيجيا، لا على الحكومة ولا على قادة الجيش، إنه لن يواسي العائلات الثكلى التي هي على قناعة بأن أبناءها سقطوا بدون مبرر.

من المتوقع كذلك أن يشكل التقرير إطارا جيدا لنقاش موضوعين هامين: الاول الفشل المتكرر في ادارة حروب اسرائيل، والثاني الفائدة والضرر من تقارير كهذه لأمن الدولة.

يوم الاربعاء الماضي تم نشر النسخة الثالثة والنهائية من التقرير لمن تم الحديث عنهم. وبعد النشر يوم الثلاثاء المقبل ستمتلئ البلاد بالعناوين الصاخبة. سيكون هذا احتفالا كبيرا لمحبي النظام والنظافة. موظفو مكتب مراقب الدولة فعلوا ما تدربوا على فعله وهو فحص جدول العمل اليومي للجلسات وجدول التنفيذ الزمني والمسؤوليات والبروتوكولات والمذكرات، ووجدوا الكثير من الثقوب في الاوراق. جوهر القرارات والسياسات والعلاقات لم يقوموا بفحصها. فهذه ليست وظيفتهم كما يقولون. القانون يمنعهم، مثل الطبيب الذي يتعمق في اعراض مرض ما، لكنه لا يلامس المرض.

نتنياهو هو من أكبر الموبخين في التقرير. الادعاء الأساسي تجاهه، حسب مسودة سابقة، هو أنه لم يقم بتشغيل الطاقم الوزاري المقلص للشؤون السياسية والعسكرية، "الكابينيت" مثلما يفترض القانون. كان يعرف الوضع جيدا. ويعلون ايضا كان يعرف، لكنهما لم يشركا الوزراء. لم يجر الكابينيت مناقشات استراتيجية عن غزة ولم يناقش البدائل السياسية و/ أو خطوات حسن النية الانسانية التي كان يمكن أن تمنع الحرب، لم يحصل على معلومات استخبارية كاملة حول التهديد المتوقع من غزة، ولم يحصل على معلومات أنه لا توجد معلومات استخبارية كافية حول التهديد المتوقع من غزة. رئيس الحكومة ووزير الأمن والكابينيت لم يضعوا للجيش اهداف استراتيجية. وبسبب ذلك اضطر الجيش لأن يضع أهدافا استراتيجية لنفسه.

هذه ادعاءات ثقيلة. قدم نتنياهو شهادته مدة ساعتين أمام باينهورن وطاقمه. وكبح الاسئلة الخاصة في المجال الرسمي – هنا وهناك تحدثت عن غزة، هنا وهناك ذكرت الانفاق – وهم لم يقتنعوا.

الحقيقة مختلفة بالطبع. فنتنياهو لم يشغل الكابينيت لسببين؛ الاول، لم يكن يثق بوزرائه، لا بحكمتهم ولا بدوافعهم ولا باستعدادهم للحفاظ على السر. وقد اعتبرهم اعداء وليس شركاء. الثاني، لم يكن له هدف استراتيجي لتقديمه لهم. لقد بادر الى عملية الجرف الصامد للخروج منها. نعم الدخول من اجل الخروج. وهذا ليس هدفا استراتيجيا يمكن تقديمه لعدد من السياسيين يريدون الانقضاض، ولا للموظفين المواظبين في مكتب مراقب الدولة.

جميع الاخفاقات العسكرية التي يفترض أن يتطرق اليها التقرير – عدم وجود الخطط التنفيذية وعدم وجود التدريب للسيطرة على الانفاق وعدم وجود التدريب والفجوات الاستخبارية وما أشبه – كل ذلك حدث في فترة نتنياهو. هذه هي الحال عندما تكون رئيسا للحكومة مدة سبع سنوات متواصلة. بعض هذه الاخفاقات نتنياهو هو المسؤول عنها بشكل مباشر، بصفته مسؤولا عن الشباك. وبعضها هو مسؤول عنه بشكل غير مباشر. والسبب ليس الإهمال أو الكسل. السبب هو خوف نتنياهو من اتخاذ القرارات. مصير الانفاق في غزة مثل مصير الهجوم الذي لم يكن على المشروع النووي الايراني. وأي توصية بيروقراطية لن تستطيع اصلاح هذا الخلل.

موشيه يعلون لم يشارك نتنياهو الارتداع من القرارات، لكنه شاركه في ادارة ظهره لأعضاء الكابينيت. التقرير وبخه، لكن من يعرف الواقع في تلك الفترة يمكنه أن يفهم. يعلون وقف أمام ليبرمان الذي طلب بشكل مستمر احتلال غزة دون الاقتراح كيف يمكن فعل ذلك، وما الذي يجب فعله في اليوم التالي. الوزير نفتالي بينيت ادار حملة للقضاء على الانفاق، وأخرج يعلون عن اطواره من خلال الاقتباسات التي جلبها من الميدان.

الجدل حول احتلال غزة خرج الى الخارج وأقنع حماس بأنها محصنة – لا يجب أن تسرع وتطلب وقف اطلاق النار. هذا أدخل رئيس الاركان في الشرك: أمام ليبرمان كان يجب أن يقول إن احتلال غزة لن يفيد، ولكن أمام حماس كان يجب عليه أن يقول بأن التهديد فعلي. كرئيس أركان كان يجب عليه أن يعكس الروح القتالية. اذا كان الكابينيت يريد أن نحتل غزة، فنحن سنستعد ونحتلها.

عندما يريد الجيش، فان الجيش يحقق. هذا هو التفسير الذي حصلت عليه من واضعي التقرير، هذا التفسير لا يلائم رغبتهم في وضع النظام بين الجيش والحكومة.

نفالتي بينيت، السياسي الذي من المفروض أن يخرج منتصرا من تقرير المراقب، يشبه نقاشات الكابينيت بفترة العمل الأعمى الذي أصاب الأجهزة عشية حرب يوم الغفران. عندما قدموا لأعضاء الكابينيت المعطيات حول الانفاق الهجومية، بينيت لم يستوعب. وهو استوعب فقط عندما نزل إلى الميدان قبل بدء العملية بأسبوع. في البداية طلب قصف الانفاق ردا على قتل الفتيان الثلاثة، وبعد ذلك اقتنع بأنها تشكل تهديدا استراتيجيا.

أول من اعتبر الانفاق تهديدا استراتيجيا كان نتنياهو ويعلون. وقد كان ذلك في كانون الاول 2013 قبل العملية بثمانية اشهر. الاستراتيجية هي كلمة مدوية والتهديد ايضا كلمة قوية، لكن ما المغزى العملي لهذه الكلمات؟ أحد الاستنتاجات المطلوبة كان اخلاء السكان من المناطق القريبة من الحدود خلال الحرب. وعندما طرحت الخطوة كان بينيت مستعدا لتأييدها. ولكنه هو وغانتس رفضاها تماما. غانتس يعرف الآن أنه اخطأ. لم تكن لتحدث أي كارثة للسكان اليهود هناك أو للرواية القومية لو كانوا أمروا باخلاء هذه المناطق لبضعة ايام، ومساعدة الجنود للاصدقاء الذين بقوا كي يحلبوا الابقاء. حقيقة: هذا ما يخططون له في الجيش الآن من أجل المواجهة القادمة في الشمال أو في غلاف غزة.

يشتكي بينيت من أن الجيش لم يرغب في قصف الانفاق. في البداية قالوا إن حماس لن تستخدمها – تريدها لهدف آخر أكثر جدية. وبعد ذلك قالوا إنه لو دخلنا الى الانفاق فسننجر الى حرب في كل غزة. وفي النهاية قالوا إنه لا حاجة لذلك، لأن حماس ستعيد حفر الانفاق من جديد.

الحقيقة هي أن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعدا من الناحية التنفيذية لتدمير الانفاق. هذا ما كان يجب أن يقوله رئيس الأركان لأعضاء الكابينيت الذين ضغطوا من اجل ذلك – نحن سنقصف بناء على رغبتكم رغم أننا غير مستعدين من ناحية تنفيذية. وما دون ذلك فإن التقديرات التي تحدث عنها الجيش لم تكن خاطئة.

حماس لم تكن تنوي استخدام الانفاق – لقد جُرت لذلك. فقدنا هدار غولدن واورن شاؤول بسبب الدخول الى نفق دفاعي – نفق لم يوجه نحو اسرائيل ولم يشكل خطرا مباشرا. حماس قامت باعادة حفر الانفاق التي هي أكثر تطورا وأكثر تسلحا.

هل الانفاق تشكل تهديدا استراتيجيا؟ نعم، قال مساعدو مراقب الدولة. انظر ما الذي حدث في اسرائيل في اعقاب اختطاف جلعاد شليط، وانظر ما الذي حدث في أعقاب اختطاف جثتي غولدن وشاؤول.

ليس هناك حل مدرسي لادارة الحروب. المفتاح يوجد في يد رئيس الحكومة. وهو يمكنه أن يحيط نفسه بكل الاشخاص بناء على ثقته بهم، وبناء على الاعتبارات السياسية شريطة أن يقوم بالابلاغ والتشاور وتحمل المسؤولية. موظفو مكتب مراقب الدولة فوجئوا عندما سمعوا من الوزراء الاعضاء في الكابينيت أنهم لا يعرفون صلاحياتهم. هل هم الذين يقررون أو يصادقون أو فقط يقدمون النصائح. الإجابة الصحيحة هي أنهم هذا وذاك. وكل شيء يتعلق برئيس الحكومة.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.