موقف الشرطة، التي أصرت على احتجاز جثمان يعقوب موسى أبو القيعان، الى ان اطلقت للدفن بأمر من محكمة العدل العليا، لا يشهد على خلل أو عدم حساسية بل عن فكر سائد، إن لم نقل رأي مسبق. ولن يكون مدحوضا القول انه لو كان هذا منفذ يهودي، لكان جثمانه اطلق للدفن في موعد قريب من الحدث وما كانت الشرطة لتضع قيودا على مراسم الحداد الدارجة.

حتى بعد فحص وحدة التحقيق في الشرطة ونتائج تشريح الجثة سيكون من الصعب القول بيقين ما الذي دفع رجل عائلة، معلم في مهنته، لدهس شرطي. ما يمكن قوله بيقين هو إن احساس الظلم لدى البدو، مثل عموم مواطني اسرائيل العرب، لم يبدأ في ام الحيران ولن ينتهي هناك. 

في حالة أم الحيران يبدو أن الدولة تجاوبت مع السكان كما يقتضي القانون، ورغم ذلك فإن ما تبقى من النية الطيبة هو عملية دهس، حسب رواية الشرطة، ونار غير مبررة أدت الى حادثة طرق، حسب رواية العائلة. وتنصب معركة الروايات هذه في النسب الذي لم يشر اليه في بطاقة الهوية الزرقاء للقيعان ولكنه مخطوط في قلب الهوية الإنسانية لمواطني إسرائيل العرب – "مواطنين من الدرجة الثانية". هكذا يشعر سكان أم الحيران الذين رفضوا الإخلاء، وكذا أيضا اولئك الذين اختاروا الإخلاء.

إن ظلم مواطني إسرائيل العرب مقارنة بمواطنيها اليهود أصبح منذ زمن بعيد الامر ونقيضه. فحسب معطيات بحث أجراه معهد دراسات، "المركز العربي للقضاء والسياسة"، فإنه منذ قيام الدولة اقيمت مئات البلدات اليهودية ولم تقم حتى ولا بلدة عربية واحدة، باستثناء سبع قرى بدوية في النقب؛ عدد العرب في اسرائيل ازداد من العام 1948 سبعة اضعاف، بينما الارض البلدية التي تقوم عليها بلداتهم بقيت بلا تغيير؛ لربع البلدات العربية لا توجد مخططات هيكلية، ولهذا فان سكانها لا يمكنهم ان يحصلوا على تراخيص بناء، وفي البلدات التي اقرت فيها مخططات هيكلية – فان اذون البناء تتأخر بسبب انعدام البنى التحتية.

حتى لو كانت النتائج ناقصة، او كان فيها عدم دقة، فانها تشهد على النهج. عرب إسرائيل لا يوجدون في رأس اهتمام حكومات اسرائيل على أجيالها. والحكومة الحالية، مع روح القائد التي تسير بفخار خلف شعار "العرب يتدفقون الى صناديق الاقتراع"، لا تبذل عمليا جهودا لتغيير النهج. في كل نهاية اسبوع يمر رئيس الوزراء من جسر الزرقا، على مسافة لمسة من بيته في قيساريا، احدى البلدات الافقر والأكثر إهمالا في إسرائيل. لا أدري اذا كان نتنياهو زار المكان، ولكن حتى لو كان زاره، فإن تأثره لا يظهر. مثل جسر الزرقا، فإن الكثير من البلدات العربية تعاني من الضائقة والاهمال. وظهر النواب من القائمة المشتركة، الذين يدعون تمثيل ضائقة عرب إسرائيل، في ظلمة الليل في أم الحيران إذ شموا استفزازا. وعلى ألسنتهم يتلقى الاحتجاج ضد الظلم دوما بعدا قوميا فلسطينيا. اقسام كبيرة من الجمهور يتماثلون مع ظلم جارهم العربي ويشجبون أقوالا عنصرية ضده، ولكن هؤلاء المواطنين يصعب عليهم التضامن معه حين يرفع علم السلطة الفلسطينية. وليس صدفة أن بذلت القيادة الدرزية جهدا لتمييز نفسها عن احتجاج عرب إسرائيل، ولكن هناك أيضا تعصف الخواطر. أحد أوامر الهدم التي صدرت في قرية المغار يعود لابن رائد قتل في لبنان. وأعلن رؤساء الطائفة امس عن إضراب احتجاجي في السلطات المحلية، ويخططون لمظاهرة كبرى في المغار.

ان تصريحات رئيس الوزراء حول الإنفاذ المتساوي للقانون – حكم عمونه كحكم المغار – محقة ولكنها تستوجب تفعيل الفكر والحساسية. فالتصريح يستهدف آذان المستوطنين، ولكن في هذه الاثناء حكم مستوطنو عمونه القواعد على رأس نتنياهو ومن الجهة الاخرى لا يوجد لعشرات آلاف المواطنين في ضائقة في الوسط العربي عنوان.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.