عالمي

أيام العراق الدموية تقودها سيارات مجهولة الهوية

أغلبية السيارات المنفجرة تحمل لوحات تسجيل مؤقتة تواجه السلطات العراقية صعوبات كبيرة في معرفة هوية مالكي السيارات التي تنفجر بشكل متواصل في بغداد ومناطق أخرى، بسبب فشل دوائر المرور في تسجيلها رغم مرور عشر سنوات على بدء العمل بنظام الفحص المؤقت. واثر موجة التفجيرات الدامية الأخيرة التي ضربت بغداد في ايار/الماضي، ومعظمها جاءت بسيارات مفخخة، حصلت قوات الأمن على معلومات عن مالكي هذه السيارات، إلا أنها بقيت غير كافية. ودفع هذا الأمر بعمليات بغداد إلى فرض حظر على السيارات التي تحمل لوحات مؤقتة تزامنا مع ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم التي بلغت ذروتها يوم الأربعاء ولم تشهد حوادث أمنية للمرة الأولى منذ سنوات. ويقول مسؤول أمني رفيع المستوى في وزارة الداخلية إن “سبب اتخاذ هذا الإجراء الاحترازي جاء نتيجة انفجار عدد كبير من السيارات في الفترة المنصرمة دون الوصول إلى معرفة أصحابها”. ويوضح أن “معظم السيارات التي انفجرت في الآونة الأخيرة تحمل لوحات تسجيل فحص مؤقت ويطلق عليها اسم المنفيست”. وانفجرت خلال الأيام العشرة الأخيرة من ايار/مايو نحو خمسين سيارة أودت بنحو المئات، في شهر دام قتل فيه أكثر من ألف شخص بحسب أرقام الأمم المتحدة، ما يجعله أكثر الأشهر دموية منذ منتصف 2008. وذكر المصدر الأمني أن “القوات الأمنية حصلت على أرقام بعض لوحات التسجيل رغم احتراق السيارات المفخخة بشكل كامل، لكنها واجهت صعوبة في معرفة اصحابها”. وأشار إلى أن “سيارات الفحص مسجلة باسم أكثر من طرف لديه وكالة لقيادة السيارة، إلا أن البحث ضمن هذا الإطار يصل إلى حلقة مفقودة بسبب عمليات التزوير التي شابت تسجيل المركبات في الأعوام التي تلت سقوط النظام” السابق في العام 2003. وفي العراق ما لا يقل عن 600 ألف سيارة مستعملة تم تسجيلها مؤقتا حيث دخلت البلاد قبل عشر سنوات بعد فتح أبواب الاستيراد على مصراعيها في أعقاب سقوط نظام صدام حسين الذي كان يفرض ضرائب مرتفعة على البضائع المستوردة. ولم تفرض السلطات التي تسلمت زمام الأمور ابان الحكم المدني الأميركي، ضرائب على الاستيراد، ما أدى إلى تراجع أسعار السيارات حيث بات في إمكانية الجميع امتلاكها. لكن هذه السيارات بقيت ضمن إطار التسجيل المؤقت طوال السنوات العشر الماضية وسط عجز الحكومة عن ابتكار نظام تسجيل نهائي ورسمي، ما دفع بالمواطنين إلى بيعها وشرائها وفقا لوكالة عامة او خاصة تصدر عن الكاتب بالعدل. وبعد عدة أيام على فرض حظر التجوال على هذه السيارات قررت السلطات تعليمات على حركتها وفقا لقانون الفردي والزوجي الذي كان ساريا في السابق على جميع السيارات. وقال عميد عمار وليد المتحدث باسم المرور العامة إن “القرار يشمل جميع السيارات سواء التابعة لدوائر الدولة باستثناء مركبات الحمل ونقل الركاب”. وأضاف أن “التعليمات تمنع جميع مركبات الفحص المؤقت سيارات التي تحمل لوحات محافظات أخرى التجوال في بغداد”، مؤكدا أن القرار وقتيا لحين اكتمال الإجراءات التنظيمية”. بدوره، قال العميد سعد معن المتحدث باسم وزارة الداخلية إن “هذه إجراءات أمنية، وسنعمل على تسريع تسجيل المركبات وسنزيد ساعات العمل وسنختصر الزمن لتسجيل جميع السيارات”. من جانبه، يقول محمد كريم وهو صاحب سيارة فحص مؤقت إن “التراخي والبطء في إجراءات تسجيل المركبات مهزلة كبيرة وفساد لا نظير له”. ويضيف محمد، الذي يعمل سائق أجرة وهو أب لثلاثة أطفال، إن حظر السير الأخير الذي فرض لنحو خمسة أيام “شكل قطعا للرزق في حين يجب محاسبة المقصر وهو الدولة التي فشلت في تسجيل هذه السيارات طوال الأعوام العشر الماضية”. وشرعت السلطات بتسجيل السيارات، بعد أن تعاقدت مع شركة ألمانية عام 2006، إلا أن المشروع لم يدخل حيز التنفيذ رسميا إلا قبل عدة أشهر. من جهته، يقول أبو علي إن “قوة من استخبارات الداخلية داهمت منزلي في شارع فلسطين (شرق بغداد) بسبب انفجار سيارة كنت أملكها قبل أكثر من عام”. ويضيف أن “السلطات تلقي علي الملامة لأن السيارة كانت باسمي اصلا لكنها لا تلوم نفسها بسبب التأخير في تسجيلها ونقل الملكية إلى الشاري”. وأبو علي في السجن حاليا بانتظار أن تتوصل السلطات إلى الطرف الثالث الذي اشترى السيارة في حين هو ينتظر مصير مجهول. وتسببت هذه الإجراءات بمشاكل كثيرة لأصحاب معارض بيع السيارات المستعملة، مع تغيير مالكي هذه السيارات أماكن سكنهم أو وفاتهم أو سفرهم إلى مناطق أخرى. بدوره، اعتبر عامر عصام (33 عاما) الذي واجه مشاكل كبيرة في بيع سيارته السابقة إثر عدم العثور على مالك السيارة الأصلي أن قرار تسجيل السيارات “جاء متأخرا جدا”. وأضاف ساخرا “لماذا هذا التسرع بعد مرور عشر سنوات!! لماذا لا ينتظرون عشر سنوات أخرى كي يجدوا حلا لمشكلة السيارات”. وكان عدنان الأسدي، الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية والمسؤول الأرفع مستوى فيها، أقر في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي بوجود “خلل أمني كبير” بسبب ضياع هوية أصحاب السيارات التي تنفجر بشكل شبه يومي. وتحدث عن وجود “تدخل دولي وإقليمي واضح في العملية والتمويل”، مشددا في الوقت ذاته على أن “رجال استخبارات الشرطة يتحركون بكل إمكانيتهم المتاحة”، في بلاد غنية بالنفط تبلغ موازنتها السنوية نحو 100 مليار دولار. inShare


أيام العراق الدموية تقودها سيارات مجهولة الهوية 
 
 

أغلبية السيارات المنفجرة تحمل لوحات تسجيل مؤقتة

  تواجه السلطات العراقية صعوبات كبيرة في معرفة هوية مالكي السيارات التي تنفجر بشكل متواصل في بغداد ومناطق أخرى، بسبب فشل دوائر المرور في تسجيلها رغم مرور عشر سنوات على بدء العمل بنظام الفحص المؤقت.

واثر موجة التفجيرات الدامية الأخيرة التي ضربت بغداد في ايار/الماضي، ومعظمها جاءت بسيارات مفخخة، حصلت قوات الأمن على معلومات عن مالكي هذه السيارات، إلا أنها بقيت غير كافية.

ودفع هذا الأمر بعمليات بغداد إلى فرض حظر على السيارات التي تحمل لوحات مؤقتة .

ويقول مسؤول أمني رفيع المستوى في وزارة الداخلية إن “سبب اتخاذ هذا الإجراء الاحترازي جاء نتيجة انفجار عدد كبير من السيارات في الفترة المنصرمة دون الوصول إلى معرفة أصحابها”.

ويوضح أن “معظم السيارات التي انفجرت في الآونة الأخيرة تحمل لوحات تسجيل فحص مؤقت ويطلق عليها اسم المنفيست”.

وانفجرت خلال الأيام العشرة الأخيرة من ايار/مايو نحو خمسين سيارة أودت بنحو المئات، في شهر دام قتل فيه أكثر من ألف شخص بحسب أرقام الأمم المتحدة، ما يجعله أكثر الأشهر دموية منذ منتصف 2008.

وذكر المصدر الأمني أن “القوات الأمنية حصلت على أرقام بعض لوحات التسجيل رغم احتراق السيارات المفخخة بشكل كامل، لكنها واجهت صعوبة في معرفة اصحابها”.

وأشار إلى أن “سيارات الفحص مسجلة باسم أكثر من طرف لديه وكالة لقيادة السيارة، إلا أن البحث ضمن هذا الإطار يصل إلى حلقة مفقودة بسبب عمليات التزوير التي شابت تسجيل المركبات في الأعوام التي تلت سقوط النظام” السابق في العام 2003.

وفي العراق ما لا يقل عن 600 ألف سيارة مستعملة تم تسجيلها مؤقتا حيث دخلت البلاد قبل عشر سنوات بعد فتح أبواب الاستيراد على مصراعيها في أعقاب سقوط نظام صدام حسين الذي كان يفرض ضرائب مرتفعة على البضائع المستوردة.

ولم تفرض السلطات التي تسلمت زمام الأمور ابان الحكم المدني الأميركي، ضرائب على الاستيراد، ما أدى إلى تراجع أسعار السيارات حيث بات في إمكانية الجميع امتلاكها.

لكن هذه السيارات بقيت ضمن إطار التسجيل المؤقت طوال السنوات العشر الماضية وسط عجز الحكومة عن ابتكار نظام تسجيل نهائي ورسمي، ما دفع بالمواطنين إلى بيعها وشرائها وفقا لوكالة عامة او خاصة تصدر عن الكاتب بالعدل.

وبعد عدة أيام على فرض حظر التجوال على هذه السيارات قررت السلطات تعليمات على حركتها وفقا لقانون الفردي والزوجي الذي كان ساريا في السابق على جميع السيارات.

وقال عميد عمار وليد المتحدث باسم المرور العامة إن “القرار يشمل جميع السيارات سواء التابعة لدوائر الدولة باستثناء مركبات الحمل ونقل الركاب”.

وأضاف أن “التعليمات تمنع جميع مركبات الفحص المؤقت سيارات التي تحمل لوحات محافظات أخرى التجوال في بغداد”، مؤكدا أن القرار وقتيا لحين اكتمال الإجراءات التنظيمية”.

بدوره، قال العميد سعد معن المتحدث باسم وزارة الداخلية إن “هذه إجراءات أمنية، وسنعمل على تسريع تسجيل المركبات وسنزيد ساعات العمل وسنختصر الزمن لتسجيل جميع السيارات”.

من جانبه، يقول محمد كريم وهو صاحب سيارة فحص مؤقت إن “التراخي والبطء في إجراءات تسجيل المركبات مهزلة كبيرة وفساد لا نظير له”.

ويضيف محمد، الذي يعمل سائق أجرة وهو أب لثلاثة أطفال، إن حظر السير الأخير الذي فرض لنحو خمسة أيام “شكل قطعا للرزق في حين يجب محاسبة المقصر وهو الدولة التي فشلت في تسجيل هذه السيارات طوال الأعوام العشر الماضية”.

وشرعت السلطات بتسجيل السيارات، بعد أن تعاقدت مع شركة ألمانية عام 2006، إلا أن المشروع لم يدخل حيز التنفيذ رسميا إلا قبل عدة أشهر.

من جهته، يقول أبو علي إن “قوة من استخبارات الداخلية داهمت منزلي في شارع فلسطين (شرق بغداد) بسبب انفجار سيارة كنت أملكها قبل أكثر من عام”.

ويضيف أن “السلطات تلقي علي الملامة لأن السيارة كانت باسمي اصلا لكنها لا تلوم نفسها بسبب التأخير في تسجيلها ونقل الملكية إلى الشاري”.

وأبو علي في السجن حاليا بانتظار أن تتوصل السلطات إلى الطرف الثالث الذي اشترى السيارة في حين هو ينتظر مصير مجهول.

وتسببت هذه الإجراءات بمشاكل كثيرة لأصحاب معارض بيع السيارات المستعملة، مع تغيير مالكي هذه السيارات أماكن سكنهم أو وفاتهم أو سفرهم إلى مناطق أخرى.

بدوره، اعتبر عامر عصام (33 عاما) الذي واجه مشاكل كبيرة في بيع سيارته السابقة إثر عدم العثور على مالك السيارة الأصلي أن قرار تسجيل السيارات “جاء متأخرا جدا”.

وأضاف ساخرا “لماذا هذا التسرع بعد مرور عشر سنوات!! لماذا لا ينتظرون عشر سنوات أخرى كي يجدوا حلا لمشكلة السيارات”.

وكان عدنان الأسدي، الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية والمسؤول الأرفع مستوى فيها، أقر في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي بوجود “خلل أمني كبير” بسبب ضياع هوية أصحاب السيارات التي تنفجر بشكل شبه يومي.

وتحدث عن وجود “تدخل دولي وإقليمي واضح في العملية والتمويل”، مشددا في الوقت ذاته على أن “رجال استخبارات الشرطة يتحركون بكل إمكانيتهم المتاحة”، في بلاد غنية بالنفط تبلغ موازنتها السنوية نحو 100 مليار دولار.


    

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.