هزّني جدًا وقزّزني ما يجول ويدور عبر برمجيّات هاتفيّة نقّالة وتطبيقات مختلفة، من الـ"واتس أپ" وغيرها، ممّا يتناقله ويتداوله الشّباب والشّابات، المراهقون والمراهقات، من صور لفتيات ونساء مجتمعنا، رجالنا وشبابنا الطّائش، المستغِلّ والمستغَلّ.

إنّ للهاتف النّقّال فوائد جمّة، ويُستخدم في كثير من الأمور المفيدة، ولكن قيام بعض الشّباب المُستهتر باستغلال تقنيّات وتطبيقات الهاتف لنشر صور و"ڤيديوهات" من داخل غرف نومنا، جعل مجتمعنا العربيّ يعجّ بالفضائح، و"يرقص" أفراده على أنغام أنين أصحابها. كلّ ذلك بعد أن بات هاتفنا الخلويّ - حبيبنا النّقال - صديقًا مُلازمًا، يشاركنا أفراحنا وأطراحنا، يدخل بكلّ عفويّة وبداهة، غرف مدارسنا ومكاتبنا وبيوتنا، نلازمه ويلازمنا غرف نومنا، بل ينام في أحضاننا!

إنّ انتشار هذه الأجهزة في كلّ زمان ومكان، منذ بزوغ الفجر وحتّى انقضائه، دون حسيب أو رقيب، وسهولة استخدامها وتسلّطها علينا – بدل تسلّطنا عليها - وسيطرتها على عقولنا ونفوسنا "المريضة"، جرّدتنا من إنسانيّتنا، وأصبحنا لا نأبه للمصائب المترتّبة على استخدام تطبيقات وبرمجيّات هذه التّلفونات المختلفة.. حتّى وإن باتت بعض أسر مجتمعنا مهدّدة بالدّمار والفضيحة، فأضحينا مشاركين بجلب العار والأذيّة وخدش المشاعر الأخلاقيّة للمجتمع.

حذّرت الأبحاث الأخيرة، من نقاط الضّعف في تطبيقات الهواتف "الذكيّة" لسهولة اختراقها، والتحكّم فيها عن بُعد، مستغلّين ثقة المستخدمين في التّطبيقات المعروفة والشّائعة الانتشار. وطالب المسؤولون مطوّري التّطبيقات أن يكونوا أكثر يقظة إزاء وسائل التحكّم الّتي يطوّرونها داخل هذه التّطبيقات لحمايتها من الاختراق؛ كما يتعيّن على المستخدمين أن يكونوا أكثر وعيًا حيال الموافقات الّتي يمنحونها لهذه التّطبيقات، للحفاظ على بياناتهم الشّخصيّة من السّرقة والاختراق، وبالأساس في الحفاظ على خصوصيّاتهم. حيث يمكن الحصول، اليوم، عبر تطبيق الـ"واتس أپ" على صور أو "ڤيديوهات" دون الحاجة إلى موافقة المُستخدِم أو استئذانه حتّى؛ و"التجسّس" - بكلّ سهولة - على حياتنا الشّخصيّة.

ومع إشراق كلّ شمس "نستبشر" فضيحةً جديدة، فنسترق السّمع والنّظر لخيانة إضافيّة، موّثقة ومُدعّمة بالصّور و"الڤيديو" لإشباع فضولنا.. لتتحوّل بذلك إشاعاتنا إلى شائعات مصوّرة وموثّقة ومحفوظة في أجهزتنا الخلويّة وذاكرة عقولنا "المريضة"!

نعم.. لقد تخطّينا الخطوط الحمراء منذ مدّة طويلة.. وأصبح جزء منّا يستخدم الهواتف و"الإنترنت" والتّطبيقات والبرمجيّات، ليحوّلها وكرًا خصبًا لتعاملات البشريّة المجتمعيّة السّاقطة.. فبات من الصّعب إيقاف هذا السّيل الجارف الّذي يهدّد مستقبل أسرنا وأولادنا ومجتمعنا، بعد أن أًصبحت أسرار غرف نومنا عِلَكًا في أفواه كلّ كبير وصغير، قريب وبعيد، من أفراد هذا المجتمع.

طالب في الصّف السّادس الابتدائيّ "يداعب" زميلته في مراحيض المدرسة(!).. شابّة تمارس فنون الجنس مع صديقها "المحبّ" و"المُخلص".. زوجة في أحضان عشيقها.. زوج فحل يستعرض "قدراته الجنسيّة" مع عشيقاته.. هذه نماذج لمقاطع من "أفلام جنسيّة" محليّة يقوم البعض بتصويرها وترويجها وتداولها عبر تطبيق الـ"واتس أپ"؛ والمَخفيّ أعظم..!

على الحكومة أن تفرض أقصى العقوبة على مصوّري ومروّجي هذه الأفلام الفاضحة، وألّا تتعامل بقفّازات حريريّة مع الجُناة وأن تسعى لتقديمهم إلى العدالة.

من حقّ كلّ شخص أن يمارس الجنس مع مَن يشاء ومتى يشاء وأن يختار ميوله الجنسيّة كما يشاء، ولكن عليه/ا أن يُحكم/تُحكم إغلاق أبواب غرف النّوم، وأن يشلَح/تَشلح (يرمي) الهاتف النّقال خارجها، حتّى لا يتحوّل هذا الصّديق المُلازم لنا مع كلّ تطبيقاته وبرمجيّاته إلى فاضح أسرارنا؛ كَيْلا نشرَع أبوابنا إلى الملأ.

ليحافظ الأزواج على قدسيّة الزّواج، والأبناء والبنات على سمعة الأهل. دعونا لا نطمر رؤوسنا في الرّمال كالنّعائم، ونعيد حساباتنا..! علينا أن نوثّق الرّوابط المجتمعيّة والعائليّة الفعليّة، لا الرّوابط الـ"فيسبوكيّة".. والحفاظ على ما تبقّى من قيمنا.. ولا مجال في هذه المقالة للخوض في أسباب هذا "الانحراف"، أتركه لمقالة أخرى.

خيانات.. فضائح.. فساد.. عنف.. اعتداءات.. اغتصابات.. مخدّرات.. عمليّات قتل.. تتصدّر حديث مجالسنا وعناوين صحفنا ومواقعنا بشكل يوميّ؛ لنحافظ عمّا تبقّى لدينا من أخلاق تغنّينا بها في السّابق، كَيْلا نَضيع. فيكفينا ما ضاع ويضيع منّا في هذه البلاد.. دعونا نمنع أخلاقنا من الاندثار!

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.