اقتصاد

رائد نخلة: استهلاك القهوة ارتفع بحدة، ولكن إنتاجها لم يرتفع بالمرة تقريبًا

::
::

أفاد تقرير لصحيفة بلومبرغ الاقتصادية بأنّ أسعار حبوب القهوة ارتفعت خلال شهر أبريل نيسان الجاري بنسبة 17%.

وهو الارتفاع الأعلى منذ العام 1979، أي منذ خمسة وأربعين عامًا، وجاء في التقرير أنّ السبب المباشر كان ضعف المحصول في الموسمين الماضيين بسبب الجفاف وموجات الحر التي ضربت مواقع زراعة القهوة، وتحديدًا أشجار القهوة من نوع روبوستا، التي تنمو بالأساس في فيتنام، والتي تستخدم حبوبها في الاسبرسو وفي أنواع القهوة سريعة الذوبان، مثل النسكافيه. كما تفيد التقديرات بأنّ المحصول للسنة الحالية سوف يكون أقل من المحصول في السنتين الماضيتين.

ويأتي هذا الارتفاع على خلفية غلاء أسعار في كافة المنتجات تقريبًا على صعيد عالمي، وذلك لأسباب عدة، مثل عدم الاستقرار الجيوسياسي في العالم، والحروب العدة في أماكن مختلفة مثل الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت على أسعار النفط وأسعار الحبوب، والحرب الاسرائيلية على غزة التي أثرت على التجارة البحرية، وأيضًا بسبب التغيرات المناخية في كافة أرجاء العالم التي أثرت على الكثير من المحاصيل الزراعية وأدت إلى ارتفاع هائل في أسعارها.

وحول موضوع الارتفاع الحاد في أسعار حبوب القهوة، كان لنا لقاء مع رائد نخلة، مدير مجال القهوة ومتذوق القهوة المعتمد في شركة قهوة نخلة، الذي قدم سردًا مثيرًا عن تاريخ القهوة، وعلاقة هذا المشروب بالحضارة العربية.

وقال رائد نخلة إنّ أشجار القهوة تنقسم إلى قسمين أساسيين، وهما شجرة قهوة الأرابيكا التي تنمو أساسا في البرازيل، وهي الدولة صاحبة أعلى نسبة تصدير للقهوة، حيث تصدر نحو 60% من القهوة في السوق، وتتميز الأرابيكا بطعمها الحمضي، والنوع الثاني هو شجرة قهوة الروبوستا التي تنمو بالأساس في فيتنام، وهي الدولة الثانية بعد البرازيل في تصديرها للقهوة، حيث تسيطر على نحو 20% من السوق، وتتميز الروبوستا بطعمها المر والحاد. وتستخدم الأرابيكا في صنع القهوة العربية، بينما تستخدم الروبوستا في صنع الاسبرسو والقهوة سريعة الذوبان مثل النسكافيه. وأشار إلى وجود عدة أنواع من القهوة، ولكن الأرابيكا والروبوستا هما النوعين الأساسيين.

وقال رائد نخلة إنّ العلاقة بين العرب والقهوة هي علاقة متجذرة تاريخيا، فالقهوة حصلت على قيمتها العالمية بتأثير العرب، فأول مقهى افتتح في العالم كان في مكة المكرمة، حيث كانت تقدم القهوة للحجاج والتجار الذين وصلوا مكة من كل حدب وصوب. ومن هناك انتشرت القهوة في كل أنحاء العالم.

وأشار نخلة، إلى مشروب الموكا الذي نشربه والذي لا يعرف أغلبنا جذور اسمه، فالاسم "موكا" يعود إلى ميناء المخاء في اليمن، وهو الميناء الأساسي الذي كانت تصدّر منه القهوة إلى أنحاء العالم. ولفت إلى الخطأ الشائع في العالم "القهوة التركية"، فنحن عندما نذهب إلى تركيا نجد أنّ المشروب الشائع هو الشاي وليس القهوة، ولكن الأتراك أخذوا القهوة من منطقتنا إلى أوروبا، وتحديدًا إلى مدينة فيينا في النمسا، وهناك ذاع صيتها كمشروب، وقام الأوروبيون بتسميتها باسم القهوة التركية.

وتحدث نخلة عن التقليد المنتشر عالميًّا وهو تقديم كأس من الماء أو الصودا إلى جانب فنجان القهوة، مشيرًا إلى أنّ هذا التقليد تركي الأصل، حيث أنّ الأتراك الذين لم يفقهوا تقاليد العرب حول أصول الضيافة، كانوا يقدمون للضيف كأسًا من الماء إلى جانب القهوة، فإذا شرب الضيف الماء قبل القهوة، فهموا أنّ الضيف آتٍ من مكان بعيد، وعندها قدّموا له الطعام أيضًا واستضافوه ليبيت الليلة عندهم، أما اذا شرب القهوة أولًا، فهموا أنّ الضيف مستعجل.

أما حول الارتفاع في أسعار القهوة، قال رائد نخلة إنّ الارتفاع الفعلي هو أكثر من 17%، فقد ارتفع سعر القهوة في الأسبوعين الأخيرين فقط من 2500 دولار للطن الواحد إلى 4500 دولار للطن الواحد، الأمر الذي يعني أنّ ارتفاع الأسعار سوف يصل إلى المستهلكين سريعًا ويشكل كبير.

وأشار إلى أنّ أحد الأسباب لهذه الارتفاعات هو أنّ استهلاك القهوة في العام الماضي ارتفع بنسبة 13%، بينما ارتفع إنتاج القهوة بنسبة 1% فقط. وقال إنّ الارتفاع في أسعار قهوة الروبوستا، أثّر بشكل مباشر على ارتفاع أسعار قهوة الأرابيكا، بسبب أنّ سوق القهوة هو سوق واحد، تتاثّر فيه المنتجات ببعضها البعض. وأشار إلى تأثيرات المناخ على إنتاج القهوة والكاكاو، لافتًا إلى حدوث ظاهرة النينيو هذه السنة، وهي عمليًا ظاهرة بحرية تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة شرق المحيط الهادئ بنصف درجة سلزيوس، وهو ما سوف يؤثر على المناخ في المنطقتين الأساسيتين اللتين تنمو أشجار القهوة فيهما، وهما البرازيل وفيتنام، وكلاهما دول تقع على المحيط الهادئ.

يتم الاستخدام المواد وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق التأليف والنشر 2007، وإن كنت تعتقد أنه تم انتهاك حقك، بصفتك مالكًا لهذه الحقوق في المواد التي تظهر على الموقع، فيمكنك التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: info@ashams.com والطلب بالتوقف عن استخدام المواد، مع ذكر اسمك الكامل ورقم هاتفك وإرفاق تصوير للشاشة ورابط للصفحة ذات الصلة على موقع الشمس. وشكرًا!

0

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي "الشمس" وانما تعبر عن رأي اصحابها.